ونشأ عن هذه المسألة مسألة أخرى عظم فيها الخلاف من الفريقين، وأطلق بعض مخالفى الأشعرية لسانه من أجل هذه المسألة بما لا يحمل وهى: هل يقال: أنا مؤمن إن شاء الله أو لا؟
فذهب أكثر أصحابنا الأشاعرة إلى أنه يجوز إطلاق الإنسان قوله: أنا مؤمن إن شاء الله، لا للشك، بل لأن مذهبهم العبرة بحالة الموت، لا الإيمان الموجود في الحال ولا للكفر الموجود في الحال، بل ذلك الحال مشتبه عليهم، وإذا لم يعلموا بها لم يعلموا ما هم عليه في الحال لسقوط ما هو الموجود للحال، وتذكر- رحمك الله- هنا حال سحرة فرعون وحال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أول أمرهم وما آلت إليه أحوالهم، يفدك هنا فائدة جليلة، وقد أشار إلى ذلك بعض أهل العرفان بقوله: «وكم لله من قوم هم في المعاصى والمعاصى لا تضرهم» .
وخطأ الحنفية من استثنى في إيمانه وقالوا: قد شهد الله لمن آمن بالله ورسوله بقوله: آمَنَ الرَّسُولُ ...
«1» الآية وخرج بقطع القول للذين قالوا: رَبُّنَا اللَّهُ*
«2» ولم يأمرهم بالاستثناء، وكذلك قال تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ...
«3» فأمر تعالى بذلك من غير استثناء، وقال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ ...
إلى قوله: وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
«4» فجعل تعالى قول القائل: إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
أحسن قول.
وقال النووى «5» : واختلف العلماء من السلف وغيرهم في إطلاق الإنسان قوله: أنا مؤمن. فقالت طائفة: لا يقول: أنا مؤمن مقصرا عليه، بل يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وحكى هذا المذهب بعض أصحابنا عن أكثر أصحابنا المتكلمين،