تشبث به حتى قيل: إن الماس لا يوجد إلا في معادن الذهب، ومنها ما بينه وبين آخر مجاذبة شديدة حتى أن كل واحد منهما يجذب الآخر كالعاشق والمعشوق كما شاهده كل أحد في الحديد والمغناطيس، فإن بين هذين المعدنين ملاءمة شديدة، بحيث إذا شم أحدهما رائحة الأخرى سرى إليه فأمسكه مسكا شديدا ولم يفارقه إلا بجاذب يجذبه، ومنها ما بينه وبين آخر مخالفة كالسنبادج وسائر الأحجار فإنه يحكها ويجعلها ملساء، وكالأسرب والماس، فإن الماس يقهر سائر الأحجار والأسرب يقهره.
ومنها ما فيه قوة منظفة كالنوشادر، فإنه ينظف سائر الأحجار من الوسخ.
والأحجار كثيرة جدا.
الزاج أصناف وهو يتولد من أجزاء أرضية محرقة، ومن أجزائه مائية يختلط بعضها ببعض اختلاطا شديدا فيحدث فيه دهنية قابلة لذوبانه بسبب الحرارة الزائدة، فما كان منه يغلب عليه قوة الحديد كان أحمر أو أصفر، وما غلبت قوة النحاس مال لونه إلى الخضرة، ويقال: إن الزاجات تتولد من الزئبق الميت والكبريت الأخضر، وهى ألوان فمنها: الأحمر، والأخضر، والأصفر، والأسود، والأبيض وهو أخص أنواع الزاجات، ويجلب من نواحى قبرص.
واعلم أن الرطوبات المحتقنة تحت الأرض تسحق في الشتاء وتبرد في الصيف فإذا فرّت الحرارة وأسخنت باطن الأرض وكهوف الجبال في أيام الشتاء اكتسبت الرطوبات المنصبة إلى تلك المواضع بواسطة الحرارة دهنية، فإذا أصابها نسيم الهوى وبرودة الجو انعقدت وربما بقيت مائعة فتصير كبريتا أو زئبقا أو نفطا بحسب اختلاف البقاع وتغير الهوى، ويقال: إن أول هذه القوى- أعنى: الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة في تكوين المعادن- الزئبق؛ وذلك أن الرطوبة المحتقنة في جوف الأرض والبخارات المحتسبة فيها إذا تعاقب عليها حر الصيف مع حرارة المعدن لطفت وخفت وتصاعدت إلى سقوف المغاير ونحوها فتعلقت بها زمانا حتى يتعاقب عليها برد الشتاء فتغلظ وتجمد وتتقاطر إلى أسفل المغاير فتختلط بتربة تلك البقاع وتمكث زمانا، وحرارة المعدن تعمل دائما في إنضاجها وطبخها وتصفيتها حتى تصير تلك الرطوبة المائية بما اختلط بها من الأجزاء الترابية، وبما تكتسب من نقلها وغلظها بطول الوقوف وإنضاج الحرارة لها كبريتا محرقا، فإذا اختلط الزئبق والكبريت مرة