رسائل المقريزي (صفحة 163)

فإن تخلص الذهب من الغش تخلص في حياته وبعد وفاته» .

فقال أحمد بن طولون: الحمد لله على ما نبهتنى عليه هذه الكتابة فإنه أحب إلىّ من المال، ثم أمر لكل رجل كان يعمل بمائتى دينار منه، وأنفذ بأن يوفّى الصنّاع أجرهم ووهب لكل رجل منهم خمسة دنانير، وأطلق للرجل الذى أقام معهم من أصحابه ثلاثمائة دينار، وقال لخادمه نسيم: خذ لنفسك منه ما شئت.

فقال: ما أمرنى به مولاى أخذته. فقال: خذ ملء كفيك جميعا و؟؟ عد من بيت المال مثل ذلك كرّتين، فبسط نسيم كفيه فحصل على ألف دينار.

وحمل أحمد بن طولون ما بقى فوجده أجود عيارا من عيار السندى بن هاشك ومن عيار المعتصم، فتشدد حينئذ أحمد بن طولون في العيار حتى لحق ديناره بالعيار المعروف له- وهو الأحمدى الذى كان لا يصاب بأجود منه.

ولما دخل القائد أبو الحسين جوهر الكاتب الصقلى إلى مصر بعساكر الإمام المعز لدين الله في سنة 358 هـ، وبنى القاهرة المعزّية حيث كان مناخه الذى نزل فيه، صارت مصر من يومئذ دار ملكه، وضرب جوهر القائد الدينار المعزّى ونقش عليه فى أحد وجهيه ثلاثة أسطر، أحدها: «دعى الإمام المعز لتوحيد الأحد الصمد» وتحته سطر فيه «ضرب هذا الدينار بمصر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة» وفي الوجه الآخر «لا إله إلا الله، محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون على أفضل الوحيين وزير خير المرسلين» .

وكثر ضرب الدينار المعزى حتى أن المعز لما قدم إلى مصر سنة ثنتين وستين وثلاثمائة ونزل بقصره من القاهرة، أقام يعقوب بن كلس بن عسلوج بن الحسن لقبض الخراج، فامتنع أن يأخذ إلا دينارا معزيا، فاتضع الدينار الراضى وانحط ونقص من صرفه، أكثر من ربع دينار، وكان صرف الدينار المعزى خمسة عشر درهما ونصفا.

وفي أيام الحاكم بأمر الله- أبى على المنصور بن المعزّ- تزايد أمر الدراهم في شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين وثلاثمائة فبلغت أربعة وثلاثين درهما بدينار، ونزل السعر واضطربت؟؟ أمور الناس، فرفعت تلك الدراهم وأنزل من القصر عشرون صندوقا فيها دراهم جدد فرفعت للصيارف، وقرئ سجل يمنع المعاملة بالدراهم الأولى وترك من في يده شىء منها ثلاثة أيام، وأن يورد جميع ما تحصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015