رسائل المقريزي (صفحة 162)

الله عنه على جميع من بها من القبط البالغين من الرجال دون النساء والصبيان والشيوخ دينارين على كل رأس، فجبيت أول عام اثنا عشر ألف ألف دينار، وقد روى أنها جبيت ستة عشر ألف ألف دينار، وهما روايتان معروفتان، فأقر ذلك عمر ابن الخطاب رضى الله عنه.

ومن أنعم النظر في أخبار مصر عرف أن نقدها وأثمان مبيعاتها وقيم أعمالها لم يكن إلا من الذهب فقط إلى أن ضعفت مملكتها باستيلاء الفرنج عليها فحدث حينئذ اسم الدراهم، وسأبين فيما يأتى طرفا من ذلك.

ومع هذا، فإن مصر لم تزل منذ فتحت دار إمارة، وسكّتها إنما هى سكّة بنى أمية ثم من بنى العباس، إلا أن الأمير أبا العباس أحمد بن طولون ضرب بمصر دنانير عرفت بالأحمدية، وكان سبب ضربها أنه ركب يوما إلى الأهرام فأتاه الحجّاب بقوم عليهم ثياب صوف ومعهم المساحى «1» والمعاول، فسألهم عما يعملون فقالوا:

نحن قوم نتبع المطالب. فقال لهم: لا تخرجوا بعد هذا إلا بمشورة ورجل من قبلى، وسألهم عمّا وقع إليهم من الصفات فذكروا له أن في سمت «2» الأهرام مطلبا قد عجزوا عنه؛ لأنهم يحتاجون في إحاثته»

إلى قدر كبير من المال، ونفقات واسعة، فأمر بعض أصحابه أن يكون معهم، وتقدم إلى عامل معونة الجيزة «4» ، فى دفع جميع ما يحتاجون إليه من المال والنفقات، فأقام القوم يعملون إلى أن ظهرت لهم العلامات، فركب أحمد بن طولون حتى وقف على الموضع وهم يحفرون فجدّوا في الحفر وكشفوا عن حوض مملوء دنانير وعليه غطاء مكتوب عليه بالبربوية «5» فأحضر من قرأه ففسره فقال:

«أنا فلان بن فلان، الملك الذى ميّز الذهب من غشّه ودنسه، فمن أراد أن يعلم فضلى وفضل ملكى على ملكه، فلينظر إلى فضل عيار دينارى على ديناره،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015