فلما استخلف مروان بن محمد الجعدى، آخر خلائف بنى أمية، ضرب الدراهم بالجزيرة على السكة بحرّان إلى أن قتل.
وأتت دولة بنى العباس، فضرب عبد الله بن محمد السفاح الدراهم بالأنبار «1» ، وعملها على نقش الدنانير، وكتب عليها السكة العباسية، وقطع منها ونقصها حبّة ثم نقصها حبتين.
فلما قام من بعده أبو جعفر المنصور نقصها ثلاث حبات، فصارت تلك الدراهم ثلاثة أرباع قيراط؛ لأن القيراط أربع حبات، فكانت الدراهم كذلك، وحدثت الهاشمية على المثاقيل البصرى فكان يقطع على المثاقيل الميالة الوازنة التامة فأقامت الهاشمية على المثاقيل والعتق على نقصان ثلاثة أرباع قيراط مدة أيام أبى جعفر وإلى سنة ثمان وخمسين ومائة.
فضرب المهدى محمد بن جعفر فيها سكّة مدوّرة فيها نقطه، ولم يكن لموسى الهادى بن محمد سكّة تعرف، وتمادى الأمر على ذلك إلى شهر رجب من سنة ثمان وسبعين ومائة، فصار نقصانها قيراطا غير ربع حبة، فلما صيّر هارون الرشيد السكك إلى جعفر بن يحيى البرمكى، كتب اسمه بمدينة السلام «2» وبالمحمدية «3» من الرى على الدنانير والدراهم وصير نقصان الدرهم قيراطا إلا حبة.
وضرب الأمين دنانير ودراهم وأسقط منها.
ثم أخوه محمد المأمون فلم تجز مدة، وسميت: الرباعيات، وكان ضرب ذلك بمرو «4» قبل قتل أخيه.
وهارون الرشيد أول خليفة ترفع عن مباشرة العيار بنفسه، وكان الخلفاء من قبله يتولون النظر في عيار الدراهم والدنانير بأنفسهم.
وكان هذا مما نوّه باسم جعفر بن يحيى؛ إذ هو شىء لم يتشرف به أحد قبله.