رسائل المقريزي (صفحة 158)

الدرهم فركب الرطل ومن الرطل تركب المد، ومن المد تركب الصاع وما فوقه، وفي ذلك طرق حسابية مبرهنة بأشكال هندسية ليس هذا موضع إيرادها.

وكان مما ضرب الحجاج الدراهم البيض ونقش عليها «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»

فقال القرّاء: قاتل الله الحجاج، أى شىء صنع للناس!! الآن يأخذ الدرهم الجنب والحائض.

وكانت الدراهم قبل منقوشة بالفارسية، فكره ناس من القراء مسّها وهم على غير طهارة وقيل لها: المكروهة، فعرفت بذلك.

ووقع في المدينة أن مالكا- رحمه الله- سئل عن تغيير كتابة الدنانير والدراهم لما فيها من كتاب الله عز وجل. فقال: أول ما ضربت على عهد عبد الملك بن مروان، والناس متوافرون، فما أنكر أحد ذلك وما رأيت أهل العلم أنكروه، ولقد بلغنى أن ابن سيرين كان يكره أن يبيع بها ويشترى، ولم أر أحدا من ذلك ههنا، يعنى- رحمه الله تعالى- أهل المدينة النبوية.

وقيل لعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: «هذه الدراهم البيض، فيها كتاب الله تعالى، يقبلها اليهودى والنصرانى والجنب والحائض، فإن رأيت أن تأمر بمحوها فقال: أردت أن تحتج علينا الأمم أن غيّرنا توحيد ربنا واسم نبينا صلى الله عليه وسلّم.

مات عبد الملك والأمر على ما تقدم، فلم يزل من بعده في خلافة الوليد ثم سليمان بن عبد الملك ثم عمر بن عبد العزيز إلى أن استخلف يزيد بن عبد الملك فضرب الهبيريّة «1» بالعراق عمر بن هبيرة على عيار ستة دوانيق، فلما قام هشام بن عبد الملك وكان جموعا للمال، أمر خالد بن عبد الله القسرى في سنة ست ومائة من الهجرة أن يعيد العيار إلى وزن سبعة، وأن يبطل السكك من كل بلدة، إلا واسطا «2» فضرب الدراهم بواسط فقط، وكبّر السكة فضربت الدراهم على السكة الخالدية حتى عزل خالد في سنة عشرين ومائة، وتولى من بعده يوسف بن عمر الثقفى، فصغّر السّكة وأجراها على وزن ستة وضربها بواسط وحدها حتى قتل الوليد بن يزيد في سنة ست وعشرين ومائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015