رسائل المقريزي (صفحة 156)

الدراهم بها، وتقدم إلى الأمصار كلها أن يكتب إليه منها في كل شهر بما يجتمع قبلهم من المال كى يحصيه عندهم وأن تضرب الدراهم في الآفاق على السكة الإسلامية، وتحمل إليه، أولا فأولا، وقدّر في كل مائة درهم درهما عن ثمن الحطب وأجر الضرّاب، ونقش على أحد وجهى الدرهم: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

وعلى الآخر: «لا إله إلا الله» ، وطوّق الدرهم على وجهيه بطوق وكتب في الطوق الواحد «ضرب هذا الدرهم بمدينة كذا» وفي الطوق الآخر «محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون» ، وقيل:

الذى نقش فيها: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

هو الحجاج.

وكان الذى دعا عبد الملك إلى ذلك، أنه نظر للأمة، وقال: هذه الدراهم السود، الوافية الطبرية، العتق، تبقى مع الدهر. وقد جاء في الزكاة أن في كل مائتين، وفي كل خمس أوراق خمسة دراهم، واتفق أن يجعلها كلها على مثال السود العظام مائتى عدد يكون قد نقص من الزكاة، وإن عملها كلها على مثال الطبرية، ويحمل المعنى على أنها إذا بلغت مائتى عدد وجبت الزكاة فيها، فإن فيه حيفا «1» وشططا، على أرباب الأموال فاتخذ منزلة بين منزلتين، يجمع فيها كمال الزكاة من غير بخس ولا إضرار بالناس مع موافقة ما سنّه رسول الله صلى الله عليه وسلّم وحده من ذلك.

وكان الناس قبل عبد الملك يؤدون زكاة أموالهم شطرين، من الكبار والصغار، فلما اجتمعوا مع عبد الملك على ما عزم عليه، عهد إلى درهم واف فوزنه فإذا هو ثمانية دوانيق، وإلى درهم من الصغار فإذا هو أربعة دوانيق، فجمعهما وكمّل وزن الأكبر على نقص الأصغر وجعلهما درهمين متساويين زنة كل منهما ستة دوانيق سوى.

واعتبر المثقال أيضا فإذا هو لم يبرح فى آباد «2» الدهر، موفى محدودا، كل عشرة دراهم منها ستة دوانيق فإنها سبعة مثاقيل سوى، فأقرّ ذلك وأمضاه من غير أن يعرض لتغييره، فكان فيما صنع عبد الملك في الدراهم ثلاث فضائل:

الأولى: أن كل سبعة مثاقيل زنة عشرة دراهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015