وأما الفطرة: فلأن النفوس السليمة مجبولة على محبة الله، وتعظيمه، وعبادته.
وهل تحب، وتعظم، وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟.
ثم إن الصفات منها ما هو كمال على الإطلاق كالصفات السابقة، فهذه ثابتة لله تعالى.
ومنها ما هو نقص على الإطلاق فهذه منفية عن الله، كالجهل، والعمى، والصمم.
ومنها ما هو كمال من وجه ونقص من وجه، فهذه يوصف الله بها في حال كمالها، ويمتنع وصفه بها في حال نقصها، بحيث يوصف الله بها وصفاً مقيداً مثل المكر، والكيد والمخادعة.
القاعدة الثانية: باب الصفات أوسع من باب الأسماء: وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة كما سبق في القاعدة الثالثة من قواعد الأسماء، ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله، وأفعاله عز وجل لا منتهى لها.
قال تعالى: [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] (لقمان: 27) .
ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله المجيءَ والأخذَ، والإتيان، والإمساك، والبطش، فنصف الله بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولا نسميه بها، فلا نقول: إن من أسمائه الجائي، والآتي، والباطش، والآخذ، والممسك، والنازل، والمريد، ونحو ذلك، وإن كنا نُخبر بذلك عنه، ونصفه به.
القاعدة الثالثة: صفات الله تنقسم إلى قسمين: ثبوتية وسلبية: فالثبوتية: هي ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله"وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، كالحياة، والعلم، والقدرة، والاستواء، واليدين، والوجه، فيجب إثباتها لله على الوجه اللائق به، وقد تقدم ذلك في الحديث عن طريقة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته.
وأما السلبية أو المنفية: فهي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله"مثل الصمم، والنوم، وغير ذلك من صفات النقص، فيجب نفيها عن الله كما مر.