أو أن يفرد كل اسم على حِدَةٍ فنقول: يا حليم، أو يا غفور، أو يا عزيز وهكذا ...
ومن الأسماء ما لا يطلق عليه بمفرده، بل مقروناً بمقابله، كالمانع، والضار، والمنتقم، والمذل.
فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله؛ فإنه مقرون بالمعطي، والنافع والعَفُو والمعز؛ فهو المعطي المانع، الضار النافع، المنتقم العفو، المعز المذل؛ لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله؛ لأنه يراد به أن المنفرد بالربوبية، وتدبير الخلق، والتصرف فيهم عطاءً ومنعاً، ونفعاً وضراً، وعفواً وانتقاماً، وعزَّاً وذلاً.
وأما أن يُثنى عليه بمجرد المنع، والانتقام، والإضرار فلا يسوغ.
فهذه الأسماء المزدوجة تجرى الأسماء منها مجرى الاسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض؛ فهي وإن تعددت جارية مجرى الاسم الواحد، ولذلك لم تجىء مفردة، ولم تُطلق عليه إلا مقترنة؛ فلو قلت: يا مذل، يا ضار، يا مانع وأخبرت بذلك لم تكن مثنياً عليه ولا حامداً له حتى تذكر مقابلها. وصلى الله وسلم علي نبينا محمد وآله وسلم.
القاعدة الأولى: صفات الله كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجه: كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والرحمة، والعلو، والعظمة، وغير ذلك، وقد دل على هذا: السمعُ والعقلُ، والفطرة.
أما السمع فمنه قوله تعالى: [لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى] (النحل: 60) .
والمثل الأعلى: الوصف الأعلى الكامل.
وأما العقل فوجهه: أن كل موجود حقيقةً لابد أن تكون له صفة: إما صفة كمال، وإما صفة نقص، والثاني باطل بالنسبة إلى الرب الكامل المستحق للعبادة، فتعين الأول.
ثم إنه قد ثبت بالحسن والمشاهدة أن للمخلوق صفات كمال، ومُعْطي الكمال أولى به.