ذلك كله لا ينقص من شرف يوحنا المذكور لعدم علمه واطلاعه على ما غاب عنه، ومثل ذلك اختلاف لا يعبأ به، ومثل ما قيل إن قارة أمريكا كانت معروفة قديماً قبل استكشاف كرستوف كلمب لها، فإن ذلك لا يضع من عظم ما أتى به، ولقد شافهه كثير من الناس عند رجوعه إلى قارة أوروبا بما يفيد تهوين ما قام به، ومن ذلك أن جمعه هو وبعضاً من أشراف الناس محفل، وقد مدت بين أيديهم مائدة تحادثوا عليها بحديث الاستكشاف، فرأى منهم استقلالهم بما أتى به، قائلين إن السفر أمر سهل، واستكشاف البلاد شيء بسيط تتصرف فيه يد الصدفة فقال: لهم نعم، وإن كان كل ذلك بسيطاً فلم يهتدِ إليه أحد قبلي، ثم نظر في المائدة فتناول بيضة مسلوقة ورفعها بيده قائلاً لهم: من يقدر منكم أن يجلس تلك البيضة على أحد طرفيها؟ فقالوا بلسان واحد: إن ذلك من الأمور المستحيلة، فأخذها وضرب بأحد طرفيها المائدة فأقعدها، وقد انكسر طرفها، وقال لهم: انظروا، فقالوا هذا شيء بسيط هين، فقال: نعم وإن كان هيناً فأنا أول من فعله، وقامت عليهم حجته بذلك.
ثم إني أحببت في هذا الموضع أن أوافيكم بحديث غريب وذلك أنه مدة تجولي هذا بأنحاء ألمانيا، وتقييد ما شاهدته طلباً