فأما الأحكام التي لم يختلفوا فيها، فهم الذين يخالفونها كخلافهم إعطاء أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما - بحضرة الصحابة دون خلاف من أحد منهم - ارض خبير اليهود بنصف ما يخرج منها من زرع أو ثمر إلى غير أجل، فخالفوا هذا الحاكم، وقالوا: هذا باطل لا يجوز. وغير هذا كثير جداً قد جمعناه عليهم مما لا ينكرون صحته.
وأما الأحكام التي فيها [اختلاف] ، فإنا حكمنا فيما امرنا الله تعالى أن يرد إليه ما تنازع العلماء فيه من القرآن، ومن السنة الصحيحة، فلأيهما شهد القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحة أخذناه. وأما هم فحكموا على الصحابة رضي الله عنهم رأى مالك، واختيار ابن القاسم، فلينظر الناظر أي الطريقين أهدى فإن قالوا: ما يتهم مالك ولا بن القاسم. قيل لهم: ولا يتهم سفيان ولا ابن المبارك ولا الأوزاعي ولا الوليد بن مسلم [176 ب] ولا الليث ومن روى عنه، ولا احمد بن حنبل ولا سائر الفقهاء، فأي فرق بين تحكيم أولئك فيما اختلف فيه السلف، وبين تحكيم هؤلاء ومن فوقهم من التابعين
8 - ثم قالوا: " وهو مع ذلك ضعيف الرواية عار من الشيوخ، وإنما هي كتب حسنها وأتقنها وضبطها؛ فمنها مروي مما قد رواها (?) على شيخ أو شيخين لا أكثر، ومنها كتب مشهورة ثابتة بيده صحيحة، مثل المسانيد، والمصنفات والصحيح كمسلم والبخاري، لا يمترى في شيء منها، ومنها ما قد خفي على المحتج لعدم الراوي لها، وقلة استعمالها أو لطروئها (?) وحدوثها في بلدتنا لم يروها علماء بلدنا، ولا شغلوا (?) بها، ولا سمعوا بها فيما مضى عمن مضى، فنافروها ولم يقبلوا عليها، فهم لا مكذبون (?) لها، ولا عاملون [بها] ، ثم إنهم رأوا فيها تغليب أحاديث قد تركت وسكت عنها الصحابة والتابعون، والعلماء الماضون، ومخالفة أحكام قد حكم بها السلف الصالح وقضوا بها واستمر الحكم عليها ".
فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - إن هذا كلام مخلط في غاية التناقض.
أما قولهم عنا بضعف الرواية، والتعري من الشيوخ، فلو كان لهم عقول لأضربوا