رسائل ابن حزم (صفحة 770)

7 - ثم قالوا: " ولاسيما أن هذا المدعي الحق فيما يمتثله ويؤثره ويصوبه من الترتيب، والهيئات، والاشتقاق، والتفتيق، وتغليب الظاهر، وإعماله على مفهوم خطابه على ما يبدو للسامع، وترك الأخذ بالتأويل، والأحكام الماضية من السلف الصالح ".

فالجواب - وبالله التوفيق - إن هذا كلام مخلط يشبه كلام الممسوسين (?) لأنه ناقص غير تام، وما ندعي الحق إلا فيما لا يقدر أي واحد (?) منهم أن ينكر ان الحق فيه من القرآن وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الصحابة رضي الله عنهم فقط، وأما ذكر هيئات واشتقاق وتفتيق، فحمق صفيق، وهذيان عتيق، ومن عند الله يكون التوفيق.

وأما تغليبنا الظاهر وإعماله، على مفهوم خطابه، فكلام لا يعقل لاستعمال الظاهر دالاً بمفهوم خطابه، وهو نفسه الذي يبدو للسامع منه، لا معنى للظاهر غير ذلك. فلو عقل هؤلاء المساكين [176/أ] ما تكلفوا ما يفتضحون فيه من قرب، لكن من يضل الله فلا هادي له.

وأما ترك الأخذ بالتأويل، فلا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما: إما تأويل يشهد بصحته القرىن، او سنة صحيحة أو إجماع، فبه نقول إذا وجدناه، وإما تأويل دعوى لا يشهد بصحته (?) نص قرآن، ولا إجماع، فهذا الذي ننكره وندفعه ونبرأ إلى الله تعالى منه. فإن كانوا أنكروا إنكارنا هذا الباطل، فما يحتاج معهم إلى تطويل أكثر من أن نقول لهم: ما الفرق بين تأويلكم العاري من شهادة القرآن والسنة، وبين تأويل غيركم من الحنفيين (?) والشافعيين إذا عري أيضاً من تصحيح القرآن والسنة وهذا ما لا سبيل إلى فرق بينه، ولا يتبع شيئاً مما هذه صفته بعد قيام الحجة ووصول البيان إليه إلا (?) محروم التوفيق محروم البصيرة.

وأما الأحكام الماضية بين السلف الصالح، رضى الله عنهم، فإنها لا تخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما: إما أحكام لم يختلفوا فيها، وإما أحكام اختلفوا فيها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015