رسائل ابن حزم (صفحة 772)

عن هذا، لأنهم ليسوا من أهل الرواية فيعرفوا قويها (?) من ضعيفها، ولا اشتغلوا [بها] قط ساعة من الدهر، وما يعرفون إلا المدونة على تصحيفهم لها، وما عرفوا قط من الصحابة، رضي الله عنهم، رجلاً، ولا من التابعين عشرة رجال، ولا يفرقون بيت تابع وصاحب، سوى من ذكرنا، فلا حياء يمنعهم من أن يتعرضوا للكلام في الرواية. وأكثر المتكلمين في هذا الباب لا يقيمون الهجاء، ولا يعرفون ما حديث مسند من حديث مرسل، ولا ثقة من ضعيف، ولا حديث النبي صلى الله عليه وسلم من كعب الاحبار، وما منهم أحد يمزج له حديث موضوع مع صحيح فيميزه (?) ، ثم يقولون: عار من الشيوخ، وهم ما كان لهم شيخ قط، ولا عمروا لمجلس حديث، ولا اشتغلوا [177/أ] بتفنيده (?) ، إنما كان عندهم عبد الملك بن سليمان الخولاني (?) ، فكان (?) شيخاً صالحاً لم يكن أيضاً (?) مكثراً من الرواية، كان ربما ألم به بعضهم إلمام من لا يدري ما يطلب، يخرجون من عنده كما دخلوا، لم يعتدوا قط عنه كلمة، ولا اهتبلوا بما يروي بلفظة، إنما يقعدون عنده قعود راحة، إذا لم يكن عليهم شغل. ثم لم يلبث هؤلاء الخشارة أن نقضوا كذبهم خذلاناً من الله تعالى، فشهدوا لنا بأنها كتب أتقناها وضبطناها، منها مروي رويناها عن شيخ أو شيخين، ومنها كتب مشهورة ثابتة بأيدينا مثل المسانيد المصنفات، لا يمترون فيها. وهذا ضد ما حكموا من تعرينا من الشيوخ ومن ضعف الرواية، فهم لا يدرون ما يقولون ولا يبالون بالكذب والفضيحة (?) ، لكنا والله نصفهم بما هم (?) أهله من انهم ماضبطوا قط كلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن صاحب ولا عن تابع، ولا يحسنون قراءة حديث لو وضع بأيديهم، ولا يفرقون بين جابر بن عبد الله وجابر بن زيد ولا يفرقون بين رأي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015