رسائل ابن حزم (صفحة 769)

وترك تقليد (?) إنسان بعينه. فهم قد خالفوا جميع سيرة الصحابة والتابعين، وخالفوا طريقهم، ولم يقتدوا بهم، ونحن مقتدون بهم حقاً، والحمد لله رب العالمين.

وأما قولهم: " فعنهم أخذ دينه "، فلو اتقوا الله تعالى ولم يكذبوا كان أسلم لهم في الدنيا والآخرة، ولو رجعوا إلى أنفسهم فنظروا هل رووا ما يدينون به عن الصحابة والتابعين أو لم يشتغلوا قط بشيء من ذلك فأن كان عندهم الصحابة والتابعون (?) إنما هم مالك وحده، فهذه حماقة (?) لا يرضاها لنفسه ذو مسكة.

وأما قولهم: " وهم المبلغون والناقلون إليه شريعته نقل كافة عن كافة (?) ونقل واحد عن كافة، ونقل كافة عن واحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم "، فهذه والله طريقتنا لا طريقتهم، وسبيلنا لا سبيلهم، هذا أمر لا يستطيعون إنكاره؛ لأنهم لا يشتغلون بحديث أصلاً، ولا بأثر، إنما هو قول مالك وابن [175ب] القاسم، وهذا رأي، ولا مزيد إلا في الندرة فيما لا يعرفون صحته من سقمه، وفيما يأخذون بعضه، ويخالفون بعضه تظارفاً (?) ولا مزيد، ونسأل الله التوفيق.

6 - ثم قالوا: " ففي الخروج عن الثقات وعن الجماعة إلى رأي واحد إن كان ذلك الواحد من جملة الجماعة لا مزية له عليه، فهو والله شذوذ، وخطأ لا يحل "، وهذه صفتهم في خروجهم عن أقوال جميع الصحابة والتابعين، وسائر الفقهاء لهم إلى رأي مالك وحده، إن كان ذلك الواحد هو الذي أجازه الله تعالى برسالته، واستصفاه لوحيه وعصمه، وافترض طاعته على الجن والأنس، فقد وفق (?) من خالف بأهل الأرض كلهم له، فكيف وجميع (?) الصحابة والتابعين مجموعون على وجوب ترك قول كل قائل لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه طريقتنا، والحمد لله رب العالمين كثيراً. فانظروا الآن من الزائر منا ومنهم، ومن الشاذ نحن أم هم وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015