ونقل ما خصه؛ ونحن الذين قبلنا منهم حقاً، وإنما ترك توقيفهم (?) ورفض القبول منهم واتهمهم من اطرح جميع أقوالهم، ولم يلتف إليها، ولا اشتغل إلا قول مالك وحده، وحكم عليهم رأي مالك واختياره، فهذا هو المتهم لهم حقاً، لا من لم يخالف إجماعهم ولا حكم في اختلافهم أحداً (?) غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلأي أقوالهم حكم النبي صلى الله عليه وسلم قال به، والحمد لله رب العالمين.
5 - ثم قالوا: " فوجب لهذا الطالب المجتهد الاقتداء بهم وسلوك طريقتهم والأخذ بسيرتهم إذ عنهم أخذ دينهم، وهم الناقلون إليه شريعته نقل كافة عن كافة، ونقل واحد عن كافة، ونقل كافة عن واحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكرم ".
فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - إن قولهم: وجب لهذا الطالب المجتهد الاقتداء بهم، وسلوك طريقتهم، والأخذ بسيرتهم فصحيح إن فعلوه، وحق إن عملوا به، ونحن نسألهم ونناشدهم الله ما الذي يدينون به ربهم تعالى: أهو ما (?) وردهم عن الصحابة والتابعين، أو ما وجدوا في المدونة من رواية ابن القاسم عن مالك فغن قالوا: بما جاءنا عن الصحابة، كذبوا كذباً يستحقون به المقت من الله تعالى، ومن [175/ أ] كل من سمعهم. فإن قالوا: بل بما جاءنا من رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة، فليعلموا أنهم لم يقتدوا بالصحابة والتابعين والسلف المرضيين، ولا سلكوا طريقهم، ولا أخذوا بسيرتهم. وإن قالوا: إن مالكاً (?) لم يخالف طريقة الصحابة والتابعين، قيل لهم: ما مالك بهذا أولى ممن خالفه كسفيان الثوري والليث والأوزاعي وأحمد بن حنبل، وغيرهم، ومن ادعى على هؤلاء وغيرهم أنهم (?) كلهم خالفوا الصحابة والتابعين، حاشا مالكاً وحده، قالوا الكذب والباطل، ولم ينفكوا ممن عكس عليهم هذه الدعوى الكاذبة فنسب إلى مالك ما نسبوه هم إلى غير مالك، وحاشا لله من هذا، بل كل امرئ منهم مجتهد لنفسه يصيب ويخطئ، وواجب عرض أقوالهم على القرآن والسنة، فلأيها شهد القرآن والسنة أخذ بقوله وترك ما عداه. وقد بينا ان سيرة الصحابة والتابعين وطريقهم هي الاجتهاد، وطلب سنن النبي صلى الله عليه ولسم ولا مزيد،