ثقل القناطير المجتمعة. وهكذا الشم (?) فإن مقدار فلس من حلتيت يكون معك في البيت فلا تشمه أصلا [80و] حتى إذا كثرت أجزاء الحلتيت لم يلبث الشم أن يجده ويضجر منه؛ والعقل موقن أن لذلك الفلس جزءا من النتن، وهكذا (?) القول في المسك. والعقل أيضا يعلمك أن قوة الرائحة في القليل والكثير واحدة، ولكن الكثير إذا اجتمع كثر افتراق ما ينحل (?) منه في الهواء فشغل مكانا واسعا. وكذلك السماء، لا نراها متحركة والعقل يوقن أنها متحركة بما نرى من اختلاف حركتي الأجرام التي فيها من شرق إلى غرب بحركة السماء لها، ومن غرب إلى شرق، وبانتقالها في الدرج وحركتها بذاتها (?) . وكذلك العين لا تستبين حركة الشمس أصلا، حتى إذا بقيت مدة لاحت لها حركتها يقينا بأن تراها في كبد السماء بعد أن تراها (?) في أفق المشرق. وكنماء الأجسام من الحيوان والنبات فإنك لا تستبين نموه على أنه بين يديك ونصب عينيك حتى إذا مضت مدة رأيت النماء بعينيك (?) ظاهرا وعلمت نسبة زيادته على ما كان، والعقل يشهد أن لكل ساعة مرت (?) حظا من نمو ذلك الشجر (?) لم تتبينه (?) ببصرك. وهذا إذا تدبرته كثير جدا.
وقد بينا في باب الكلام في الكيفية من هذا الديوان مشاركة العقل للحواس في جميع مدركاتها وانفراده دونها بأشياء كثيرة؛ فلولا العقل ما عرفنا الغائب (?) عن الحواس ولا عرفنا الله عز وجل. ومن كذب عقله فقد كذب شهادة (?) الذي لولاه لم يعرف ربه، وحصل في حالة المجنون، ولم يحصل على حقيقة. وبالفكر والذكر