رسائل ابن حزم (صفحة 1219)

عن حكم وجد في بعضها ويقولون: هذا خرج عن أصله وشذ، والشاذ لا يقاس عليه. ونحن نقول: لو كان هذا الحكم المشذوذ عنه (?) أصلا للشاذ لما شذ عنه ما شذ، ولا يجوز أن ينبعث فرع من غير أصله. ولو كان ذلك، لما كان الأصل أصلا للمتأصل به، ولا كان المتأصل من الأصل متأصلا منه. ولا تظن أن ما خالف صورة نوعه الجامعة له أنه شاذ عن نوعه وأصله فتخطئ. لأنك إذا عملت علل التركيب علمت (?) أنه لم يشذ عن أصله البتة، وأن تلك الزوائد إنما هي من زيادة في مادة العنصر على مقدار ما يقوم منه الشخص التام وكذلك النقص أيضا هو نقص من مادة العنصر. فهكذا تكون الأصول الصحاح.

ومثل هذا ما يستعمله النحويون في عللهم فإنها كلها فاسدة لا يرجع منها شيء إلى الحقيقة البتة (?) . وإنما الحق من ذلك أن هكذا (?) سمع من أهل اللغة الذين يرجع إليهم في ضبطها ونقلها، وما عداها (?) فهو، مع أنه [76ظ] تحكم وفاسد متناقض، هو (?) أيضا كذب، لأن قولهم كان الأصل كذا، فاستثقل فنقل إلى كذا، شيء يعلم كل ذي حس أنه كذب لم يكن قط، ولا كانت العرب عليه مدة، ثم انتقلت إلى ما سمع منها بعد ذلك. وقد قال الخالق الأول قولا كفى كل تعب إذ يقول تعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} (البقرة: 111) ثم زاد بيانا فقال تعالى: {فإن شهدوا فلا تشهد معهم} (الأنعام: 150) ثم زادنا (?) بيانا فقال تعالى: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} (الأنبياء: 23) والذي (?) قلنا من تمييز العقل والحواس هو فعل الله عز وجل فلا يسأل لم كان ذلك، وما عداه ففعل لنا، لابد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015