الفلك متناه (?) . وكذلك أيضا علمنا بأن كل شيء رخو لاقى شيئا صلبا ملاقاة شديدة (?) صدم، فإن الصلب يؤثر في الرخو ضرورة، إما بتفريق أجزائه وإما بإحالته عن شكله، ليس من أجل أنا شاهدنا ذلك في أجسام معدودة، لكن طبيعة العقل تقتضي ذلك [75ظ] ومثل هذا كثير.
وأما ما لا تقتضيه طبيعة العقل ولا تنفيه، فإنا إن وجدناه صدقناه، وأن لم نجده لم نمنع منه. فإنا قد شاهدناه في الناس من لا يأكل اللبن أصلا، ولو أكله لقذف قذفا شديدا، وآخر لا يأكل الشحم أصلا، فليس من أجل وجودنا ذلك يجب أن نقطع قطعا على أن في الناس أيضا من لا يأكل التمر أصلا، ولا يجب أيضا أن نمنع من وجود ذلك أصلا. وكذلك إذا وجدنا حجرا يجذب الحديد فليس يجب (?) أن نقطع على أنه لا يوجد، ولابد، حجر يجذب النحاس، ولا أن (?) نقطع أيضا على أنه لا يوجد. ومثل ذلك كثير.
وأشد من هذا كله التحكم على الخالق الأول بأنه قد حرم هذا وحلل هذا، بلا حكم وارد عنه تعالى بذلك، لكن بشهوات النفوس، لأنه قد حرم شيئا آخر يشبه هذا الذي تحرم أنت في بعض صفاته. بلى، ولقد لعن الله تعالى أناسا عصاة معتدين، افتراه يلعن (?) كل إنسان لأنهم مثل أولئك الملعونين في أنهم ناس وأنهم عصاة معتدون وأحرق قوما لأنهم خانوا المكيال، وأحرق معهم أطفالهم ونساءهم افترى كل خائن للمكيال والميزان (?) يحرق هو وولده وامرأته إن هذا لهو الضلال البعيد.
ومن بديع ما يقع للمغرورين بهذا النوع الفاسد أنهم إذا أحبوا أن يبدو لهم في هذا الحكم الذي حكموا به لم يصعب عليهم تركه، فيخرجون أشياء من المشتبهات