رسائل ابن حزم (صفحة 1214)

ضرورة كعلمنا يقيناً أن كل ذي روح فمتنفس، وكل متنفس فذو آلة يتنفس بها إما يقبض بها الهواء ويدفعه وإما يقبض بها الماء ويدفعه (?) إن كان من سكان الماء، فهذا قسم قائم في العقل معلوم ضرورة ولا (?) محيد عنه، ولو عدمت النفس تلك الآلة لفارقت الجسد. والقسم الثاني صفة (?) قد توجد ملازمة للموصوف بها ولو عدمت لم تضره كالمرارة فإنك إن تقريت أكثر أصناف الحيوان وجدتها فيه إلا الجمل فلا مرارة له، وقد ذكر قوم أن الفرس لا [74و] طحال له. وكالعلم الفاشي بين الناس أننا لم نشاهد قط بغلة تلد ولا بغلاً (?) يولد، وككوننا لم نر (?) قط كبشاً من الضأن ذا لحية. وقد أخبرني مخبر في مجلس بعض الرؤساء أنه شاهد بغلة ولدت في بلد ذكره وشهد له بصحة ذلك قوم كانوا في تلك الناحية. وأخبرني من أثق به أنه رأى كباشاً بلحى وتيوساً بلا لحى، وأنا رأيت سنينيراً صغيراً ولد ذا جسدين متميزين منحازين تامين لا ينقص منهما عضو أصلاً، في كل جسد ذنب ويدان ورجلان يجمعهما رأس واحد ليس فيه إلا عينان وأذنان وفم واحد؛ ورأيت أيضاً فروجاً وفرخ إوزة تفقست البيضتان عنهما ولكل واحد منهما أربعة أرجل وأريت الفروج جماعة كانوا معي. فالقطع على أن هذا لا يكون هو التحكم المذموم الذي قد يخون.

وقد غلط في هذا الباب جماعة من أهل ملتنا وطوائف من أهل نحلتنا، فأما المخالفون لنا في النحلة وهم موافقون لنا في الملة فإنهم تتبعوا الفاعلين فلم يجدوا فاعلاً البتة مختاراً، إلا جسماً، فقطعوا على (?) أن الفاعل الأول عز وجل جسم لأنهم لم يشاهدوا فاعلاً إلا جسماً. فتحفظ من مثل هذا الشغب الذي عظم فيه غلط كثير من الناس. فقد أريتك الطريق التي أغتروا (?) بها فاجتنبها، وهذا (?) القول مع قيام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015