ومات الرجل، ومكث سلمان بعمورية ما شاء الله أن يمكث، ثم مر به نفر من تجار العرب فقال لهم: احملوني إلي أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنمي هذه..وحمله التجار حتي إذا بلغوا وادي القري (مكان قريب من المدينة) طلموه فباعوه عبداً لرجل يهودي، ويشاء الله أن يأتي ابن عم لهذا اليهودي من بني قريظة فيبتاع سلمان منه ويحمله إلي يثرب..
يقول سلمان: "فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي لها، فأقمت بها، وبُعث رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأقام بمكة ما أقام ولا أسمع له بذكر مما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلي المدينة. فوالله إني لفي رأس عذق (النخلة) لسيدي أعمل فيه بعض العمل،وسيدي جالس تحتي، إذ أقبل ابن عم له حتي وقف عليه وقال: يا فلان، قاتل الله بني قيلة (الأنصار نسبة ِإلي أمهم قيلة بنت كاهل) ، والله إنهم لمجتمعون الآن بقباء علي رجل قدم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي..!!
فلما سمعتها أخذتني الرعدة حتي ظننت أني ساقط علي سيدي، فنزلت عن النخلة، فجعلت أقول لإبن عمه: ماذا تقول؟ ماذا تقول؟
فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة ثم قال: مالك ولهذا؟! أقبل علي عملك."
البحث عن البشارات:
هنا تبدأ مرحلة تحقيق وتثبت في حياة سلمان الدينية، ويراوده الأمل في قرب الوصول ويحاول أن يستكشف الوصايا الثلاث التي حملها عن أسقف عمورية..
يقول سلمان:
"وقد كان عندي شئ قد جمعته، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح، ومعك أصحاب غرباء ذوو حاجة، وهذا شئ كان عندي للصدقة، فرأئتكم أحق به من غيركم..
فقربته إليه..فقل رسول الله صلي الله عليه وسلم لأصحابه: كلوا، وأمسك يده فلم يأكل.
فقلت في نفسي هذه واحدة..!!
ثم انصرفتُ عنه فجمعت شيئاً، وتحول رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي المدينة،ثم جئته فقلت له، إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها.