يشقها {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [الزمر / 6]. هاتان الكلمتان هما: (لا إله إلَّا الله محمَّد رسول الله). فبدأ بالكلمة الأولى التي هي (لا إله إلَّا الله) وبينها لأنها مركبة من نفي وإثبات، (لَّا إله) نفي، (إلَّا الله) إثبات. ومعنى نفيها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله في جميع أنواع العبادات، ومعنى إثباتها: إفراد خالق هذا الكون -جل وعلا- بالعبادة.
وأصل العبادة في لغة العرب: الذل والخضوع، وهذا معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول طرفة بن العبد في معلقته (?):
تُباري عتاقًا ناجيات وأتبعت ... وظيفًا وظيفًا فوق مَوْرٍ مُعَبدِ
أي: مذلل لدوس الأقدام والأرجل.
أما العبادة في اصطلاح الشرع فهي: التقريب إلى خالق هذا الكون بما أمر أن يتقرب له به على الوجه الشرعي على لسان محمَّد - صَلَّى الله عليه وسلم - مع الخضوع والذل والمحبة، فلا يكفي الذل والخضوع دون المحبة، ولا المحبة دون الذل والخضوع، لأنَّ المحبة إن لم يكن معها خوف كان صاحبها في إذلال وجراءة، فقد يقع في المقام الإلهي بما لا ينبغي إدلالًا بالحب وأمنًا من عدم الخوف، والخوف إذا كان منفردًا عن المحبة كان صاحبه مُبْغِضًا. وهذا كله لا يليق، لا بد من ذل وخضوع من جهة، ومن محبةٍ من جهة أخرى.
هذه الكلمة التي بيّنا معناها جاء الله بإثباتها منفردة في قوله: