رحله ابن خلدون (صفحة 187)

ومن نام في ليل الشاب ضلالة ... سيوقظه صبح المشيب إلى الرشد

أما والهوى ما حلت عن سنن الهوى ... ولا جرت في طرق الصبابة عن قصدي

تجاوزت حد العاشقين الألى قضوا ... وأصبحت في دين الهوى أمة وحدي

نسيت وما أنسى وفائي لخلتي ... وأقفر ربع القلب إلا من الوجد

إليك أبا زيد شكاة رفعتهما ... وما أنت من عمرو لدي ولا زيد

بعيشك خبرني وما زلت مفضلاً ... أعندك من شوق كمثل الذي عندي

فكم ثار بي شوق إليك مبرح ... فظلت يد الأشواق تقدح من زندي

وصفق حتى الريح في لمم الربى ... وأشفق حتى الطفل في كبد المهد

يقابلني منك الصباح بوجنة ... حكى شفقاً فيه الحياء الذي تبدي

وتوهمني الشمس المنيرة غرة ... بوجهك صان الله وجهك عن رد

محياك أجلى في العيون من الضحى ... وذكرك أحلى في الشفاه من الشهد

وما أنت إلا الشمس في علو أفقها ... تفيدك من قرب وتلحظ من بعد

وفي عمة من لا ترى الشمس عينه ... وما نفع نور الشمس في الأعين الرمد

من القوم صانوا المجد صون عيونهم ... كما قد أباحوا المال ينهب للرفد

إذا ازدحمت يوماً على المال أسرة ... فما ازدحموا إلا مورد المجد

ومهما أغاروا منجدين صريخهم ... يشبون نار الحرب في الغور والنجد

ولم يقتنوا بعد البناء ذخيرة ... سوى الصارم المصقول والصافن النهد

وما اقتسم الأنفال إلا ممدح ... بلاها بأعراف المطهمة الجرد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015