رحله ابن خلدون (صفحة 171)

وجملته لصوان ملكك مفخرا ... يبأى الندي به ويزهو المحفل

والله ما أسرفت فيما قلته ... شيئاً ولا الاسراف مما يجمل

ولأنت أرسخ في المعارف رتبة ... من أن يموه عنده متطفل

فملاك كل فضيلة وحقيقة ... بيديك تعرف وضعها إن بدلوا

والحق عندك في الأمور مقدم ... أبداً فماذا يدعيه المبطل

والله أعطاك التي لا فوقها ... فاحكم بما ترضى فأنت الأعدل

أبقاك ربك للعباد تربهم ... فالله يخلقهم ورعيك يكفل

وكنت لما انصرفت عنه من معسكره على سوسة إلى تونس، بلغني - وأنا مقيم بها - أنه أصابه في طريقه مرض، وعقبه إبلال، فخاطبته بهذه القصيدة:

ضحكت وجوه الدهر بعد عبوس ... وتجللتنا رحمة من بوس

وتوضحت غرر البشائر بعد ما ... انبهمت فأطلعها حداة العيس

صدعوا بها ليل الهموم كأنما ... صدعوا الظلام بجذوة المقبوس

فكأنهم بثوا حياة في الورى ... نشرت لها الآمال من مرموس

قرت عيون الخلق منها بالتي ... أضفت من النعماء خير لبوس

فكأن قومي نادمتهم قرقف ... شربوا النعيم لها بغير كؤوس

يتمايلون من المسرة والرضى ... ويقابلون أهلة بشموس

من راكب وافى يحيي راكباً ... وجليس أنس قاده لجليس

ومشفع لله يؤنس عنده ... أثر الهدى في المعهد المأنوس

يعتد منها رحمة قدسية ... فيبوء للرحمن بالتقديس

طب بإخلاص الدعاء وإنه ... يشفي من الداء العياء ويوسي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015