رحله ابن خلدون (صفحة 167)

وبنوا على قلل النجوم ووطدوا ... وبناؤك العالي أشد وأطول

ولقد أقول لخائض بحر الفلا ... والليل مزبد الجوانب أليل

ماض علىغول الدجى لا يتقي ... تيهاً وذابله ذبال مشعل

متقلب فوق الرحال كأنه ... طيف بأطراف المهاد موكل

يبغي منال الفوز من طرق الغنى ... ويرود خصبها الذي لا يمحل

أرح الركاب فقد ظفرت بواهب ... يعطي عطاء المنعمين فيجزل

لله من خلق كريم في الندى ... كالروض حياه ندى مخضل

هذا أمير المؤمنين إمامنا ... في الدين والدنيا إليه الموئل

هذا أبو العباس خير خليفة ... شهدت له الشيم التي لا تجهل

مستنصر بالله في قهر العدا ... وعلى إعانة ربه متوكل

سبق الملوك إلى العلا متمهلا ... لله منك السابق المتمهل

فلأنت أعلى المالكين وإن غدوا ... يتسابقون إلى العلاء وأكمل

قايس قديماً منكم بقديمهم ... فالأمر فيه واضح لا يجهل

دانوا لقومكم بأقوم طاعة ... هي عروة الدين التي لا تفصل

سائل تلمساناً بها وزناتة ... ومرين قبلهم كما قد ينقل

وأسأل بأندلس مدائن ملكها ... تخبرك حين استيأسوا واستوهلوا

واسأل بذا مراكشاً وقصورها ... ولقد تجيب رسومها من يسأل

يا أيها الملك الذي في نعته ... ملء القلوب وفوق ما يتمثل

لله منك مؤيد، عزماته ... تمضي كما يمضي القضاء المرسل

جئت الزمان بحيث أعضل خطبه ... فافتر عنه وهو أكلح أعصل

والشمل من أبنائه متصدع ... وحمى خلافته مضاع مهمل

والخلق قد صرفوا إليك قلوبهم ... ورجوا صلاح الحال منك وأملوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015