السلطان أتابك أحمد. وقد زاد عليه مولانا أيده الله بالتصدق على المساكين بالطعام كل يوم والتصدق بالزرع على المتسترين من أهل البيوت.

قال ابن جزي: اخترع مولانا أيده الله في الكرم والصدقات أموراً لم تخطر في الأوهام، ولا اهتدت إليها السلاطين. فمنها إجراء الصدقة على المساكين بكل بلد من بلاده على الدوام، ومنها تعيين الصدقة الوافرة للمسجونين في جميع البلاد أيضاً، ومنها كون تلك الصدقات خبزا مخبوزاً متيسراً للانتفاع به، ومنها كسوة المساكين والضعفاء والعجائز والمشائخ والملازمين للمساجد بجميع بلاده، ومنها تعيين الضحايا لهؤلاء الأصناف في عيد الأضحى، ومنها التصدق بما يجتمع في مجابي أبواب بلاده يوم سبعة وعشرين من رمضان إكراماً لذلك اليوم الكريم وقياماً بحقه، ومنها إطعام الناس في جميع البلاد ليلة المولد الكريم واجتماعهم لإقامة رسمه، ومنها إعذار اليتامى من الصبيان وكسوتهم يوم عاشوراء، ومنها صدقته على الزمني والضعفاء بأزواج الحرث، يقيمون بها أودهم ومنها صدقته على المساكين بحضرته بالطنافس الوثيرة والقطائف الجياد يفترشونها عند رقادهم.

وتلك مكرمة لا يعلم لها نظير. ومنها بناء المرستانات في كل بلد من بلاده، وتعيين الأوقاف الكثيرة لمؤن المرضى، وتعيين الأطباء لمعالجتهم والتصرف في طبهم، إلى غير ذلك مما أبدع من أنواع المكارم وضروب المآثر كافأ الله أياديه وشكر نعمه. وأما رفعه للمظالم عن الرعية فمنها الرتب التي كانت تؤخذ بالطرقات، أمر أيده الله بمحو رسمها وكان لها مجبى عظيم فلم يلتفت إليه وما عند الله خير وأبقى، وأما كفه أيدي الظلام فأمر مشهور وقد سمعته أيده الله يقول لعماله لا تظلموا الرعية ويؤكد تلك الوصية.

قال ابن جزي: ولم لم يكن من رفق مولانا أيده الله برعيته إلا رفعه التضييف الذي كانت عمال الزكاة وولاة البلاد تأخذه من الرعايا، لكفى ذلك أثرا في العدل ظاهرا ونورا في الرفق باهرا، فكيف وقد دفع من المظالم وبسط من المرافق ما لا يحيط به الحصر. وقد صدر في أيام تصنيف هذا من أمره الكريم في الرفق بالمسجونين ورفع الوظائف الثقيلة التي كانت تؤخذ منهم ما هو اللائق بإحسانه والمعهود من رأفته، وشمل الأمر بذلك جميع الأقطار، وكذلك صدر من التنكيل بمن ثبت جوره من القضاة والحكام ما فيه زاجر الظلمة وردع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015