الأمثال بجوده وشاع في الأقطار أثر كرمه وفضله، ذي المناقب والمفاخر والفضائل والمآثر، الملك العادل الفاضل أبي سعيد ابن مولانا أمير المسلمين وناصر الدين المجاهد في سبيل رب العالمين، قاهر الكفار ومبيدها، ومبدي آثار الجهاد ومعيدها، ناصر الإيمان، الشديد السطوة في ذات الرحمان، العابد الزاهد الراكع الساجد الخاشع الصالح، أبي يوسف بن عبد الحق رضي الله عنهم أجمعين، وأبقى الملك في عقبهم إلى يوم الدين. ولما وصلت تونس قصدت الحاج أبا الحسن الناميسي لما بيني وبينه من مودات القرابة البلدية. فأنزلني بداره، وتوجه معي إلى المشور فدخلت المشور الكريم وقبلت يد مولانا أبي الحسن رضي الله عنه وأمرني بالقعود فقعدت. وسألني عن الحجاز الشريف وسلطان مصر فأجبته وسألني عن ابن تيفراجين فأخبرته بما فعلت المغاربة معه. وإرداتهم قتله بالإسكندرية وما لقي من أذيتهم انتصاراً منهم لمولانا أبي الحسن رضي الله عنه، وكان في مجلسه من الفقهاء الإمام أبو عبد الله السطي والإمام أبو عبد الله محمد بن الصباغ ومن أهل تونس قاضيها أبو علي عمر بن عبد الرفيع وأبو عبد الله بن هارون. وانصرفت عن المجلس الكريم. فلما كان بعد العصر استدعاني مولانا أبو الحسن وهو ببرج يشرف على موضع القتال ومعه الشيوخ الأجلة أبو عمر عثمان بن عبد الواحد التنالفتي وأبو حسون زيان بن أمريون العلوي وأبو زكريا يحيى بن سليمان العسكري والحاج أبو الحسن الناميسي. فسألني عن ملك الهند فأجبته عما سأل.
ولم أزل أتردد إلى مجلسه الكريم أيام إقامتي بتونس وكانت ستة وثلاثين يوماً. ولقيت بتونس إذا ذاك الشيخ الإمام خاتمة العلماء وكبيرهم أبا عبد الله الأبلّي وكان في فراش المرض، وباحثني عن كثير من أمور رحلتي.
ثم سافرت من تونس في البحر مع القطلانيين، فوصلنا إلى جزيرة سردانية من جزر الروم، ولها مرسى عجيب عليه خشب كبار دائرة به. وله مدخل كأنه باب لا يفتح إلا بإذن منهم، وفيها حصون. دخلنا أحدها وبه أسواق كثيرة ونذرت لله تعالى إن خلصنا الله منها صوم شهرين متتابعين لأننا تعرفنا أن أهلها عازمون على اتباعنا إذا خرجنا عنها ليأسرونا.
ثم خرجنا عنها فوصلنا بعد عشر إلى مدينة تنس، ثم إلى مازونة، ثم إلى مستغانم، ثم إلى تلمسان. فقصدت العباد، وزرت الشيخ أبا مدين رضي الله عنه