وأربعين. ونزلت في جوار إمام المالكية الصالح الولي الفاضل أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المدعو بخليل. فصمت شهر رمضان بمكة، وكنت أعتمر كل يوم على مذهب الشافعي. ولقيت ممن أعهده من أشياخها شهاب الدين الحنفي، وشهاب الدين الطبري، وأبا محمد اليافعي، ونجم الدين الأصفوني، والحرازي. وحججت في تلك السنة. ثم سافرت مع الركب الشامي إلى طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وزرت قبره المكرم، زاده الله طيباً وتشريفاً. وصليت في المسجد الكريم طهره الله وزاده تعظيماً، وزرت من بالبقيع من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم. ولقيت من الأشياخ أبا محمد بن فرحون. ثم سافرنا من المدينة الشريفة إلى العلا وتبوك ثم إلى بيت المقدس ثم إلى مدينة الخليل صلى الله عليه وسلم ثم إلى غزة ثم إلى منازل الرمل وقد تقدم ذكر ذلك كله. ثم إلى القاهرة وهنالك تعرفنا أن مولانا أمير المؤمنين وناصر الدين المتوكل على رب العالمين أبا عنان أيده الله تعالى. قد ضم الله به نشر الدولة المرينية، وشفى ببركته بعد إشفائها البلاد المغربية، وأفاض الإحسان على الخاص والعام وغمر جميع الناس بسابغ الإنعام. فتشوقت النفوس إلى المثول ببابه وأملت لثم ركابه. فعند ذلك قصدت القدوم على حضرته العلية، مع ما شاقني من تذكر الأوطان، والحنين للأهل والخلان، والمحبة إلى بلادي التي لها الفضل عندي على البلدان.

بلاد بها نيطت علي تمائمي

وأول أرض مس جلدي تُرابَها

فركبت البحر في قرقورة لبعض التونسيين صغيرة، وذلك في صفر سنة خمسين. وسرت حتى نزلت بجربة. وسافرت المركب المذكور إلى تونس فاستولى العدو عليه. ثم سافرت في مركب صغير إلى قابس، فنزلت في ضيافة الأخوين الفاضلين أبي مروان وأبي العباس بني مكي أميري جربة وقابس. وحضرت عندهما مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ركبت في مركب إلى سفاقس، ثم توجهت في البحر إلى بليانة، ومنها سرت في البر مع العرب، فوصلت بعد مشقات إلى مدينة تونس، والعرب محاصرون لها.

وكانت تونس في أيالة مولانا أمير المسلمين، وناصر الدين المجاهد في سبيل رب العالمين، علم الأعلام وأوحد الملوك الكرام، أسد الأساد وجواد الأجواد القانت الأواب، الخاشع العادل، أبي الحسن ابن مولانا أمير المسلمين المجاهد في سبيل رب العالمين، ناصر دين الإسلام، الذي سارت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015