الملكة. فأتيتها وهي بمجلسها الأعظم وبين يديها نسوة بأيديهن الأزمة يعرضن ذلك عليها. وحولها النساء القواعد وهن وزيراتها وقد جلسن تحت السرير على كراسي الصندل وبين يديها الرجال. ومجلسها مفروش بالحرير وعليه ستور حرير وخشبة من الصندل وعليه صفائح الذهب. وبالمجلس مساطب خشب منقوش عليها أواني ذهب كثيرة من كبار وصغار كالخوابي والقلال والبواقيل. أخبرني الناخوذة أنها مملوؤة بشراب مصنوع من السكر مخلوط بالأفاوية يشربونه بعد الطعام وإنه عطر الرائحة حلو المطعم يفرح ويطيب النكهة ويهضم ويعين على الباءة، فلما سلمت على الملكة قالت لي بالتركية: حسن مسن يخشى مسن "خوشميسن يخشميسن" معناه: كيف حالك؟ كيف أنت؟ وأجلستني على قرب منها وكانت تحسن الكتاب العربي، فقالت لبعض خدامها: دواة وبتك كاتور "كتور" معناه: الدواة والكاغد. فأتى بذلك فكتبت بسم الله الرحمن الرحيم. فقالت: ما هذا؟ فقلت لها: تنضري "تنكري" نام. وتَنْضَري "بفتح التاء المعلوة وسكون النون وفتح الضاد وراء وياء"، ونام "بنون وألف وميم" ومعنى ذلك اسم الله. فقالت: خشن "خوشن"، ومعناه جيد. ثم سألتني من أي البلاد قدمت. فقلت لها من بلاد الهند. فقالت: بلاد الفلفل. فقلت: نعم. فسألتني عن تلك البلاد وأخبارها فأجبتها.

فقالت: لا بد أن أغزوها وآخذها لنفسي فإني يعجبني أكثر ما لها وعساكرها. فقلت لها: افعلي. وأمرت لي بأثواب وحمل فيلين من الأرز وبجاموستين وعشر من الضأن وأربعة أرطال جلاب وأربعة مرطبانات وهي أوان ضخمة مملوءة بالزنجبيل والفلفل والليمون والعنبا. كل ذلك مملوح مما يستعد للبحر، وأخبرني الناخوذة أن هذه الملكة لها في عسكرها نسوة وخدم وجوار يقاتلن كالرجال وأنها تخرج في العساكر من رجال ونساء فتغير على عدوها وتشاهد القتال وتبارز الأبطال. وأخبرني أنها وقع بينها وبين بعض أعدائها قتال شديد وقتل كثير من عسكرها وكادوا ينهزمون فدفعت بنفسها وخرقت الجيوش حتى وصلت إلى الملك الذي كانت تقاتله فطعنته طعنة كان فيها حتفه فمات وانهزمت عساكره. وجاءت برأسه على رمح فافتداه أهله منها بمالٍ كثير. فلما عادت إلى أبيها ملكها تلك المدينة التي كانت بيد أخيها. وأخبرني أن أبناء الملوك يخطبونها فتقول: لا أتزوج إلا من يبارزني فيغلبني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015