مدينة عظيمة على ساحل البحر الأعظم، ويجتمع بها نهر الكنك الذي يحج إليه الهنود ونهر الجون ويصبان في البحر. ولهم في النهر مراكب كثيرة يقاتلون بها أهل بلاد للكنوتي.
وكان سلطان بنجالة هو السلطان فخر الدين الملقب بفَخْره "بالفاء والخاء المعجم والراء"، وهو سلطان فاضل محب في الغرباء وخصوصاً الفقراء والمتصوفة. وكانت مملكة هذه البلاد للسلطان ناصر الدين بن السلطان غياث الدين بلبن وهو الذي ولي ولده معز الدين الملك بدهلي فتوجه لقتاله والتقيا بالنهر وسمي لقاؤهما لقاء السعدين وقد ذكرنا ذلك وأنه ترك الملك لولده وعاد إلى بنجالة فأقام بها إلى أن توفي. وولي ابنه شمس الدين إلى أن توفي فولي ابنه شهاب الدين إلى أن غلب عليه أخوه غياث الدين بهادور بور فاستنصر شهاب الدين بالسلطان غياث الدين تغلق فنصره وأخذ بهادور بور أسيراً ثم أطلقه ابنه محمد لما ملك على أن يقاسمه ملكه فنكث عليه فقاتله حتى قتله. وولي على هذه البلاد صهراً له فقتله العسكر واستولى على ملكها علي شاه وهو إذ ذاك ببلاد اللكنوتي فلما رأى فخر الدين أن الملك قد خرج عن أولاد السلطان ناصر الدين وهو مولى لهم، خالف بسدكاوان وبلاد بنجالة، واستقل بالملك واشتدت الفتنة بينه وبين علي شاه فإذا كانت أيام الشتاء والوحل أغار فخر الدين على بلاد اللكنوتي في البحر لقوته فيه وإذا عادت الأيام التي لا مطر فيها أغار علي شاه على بنجالة في البر لقوته فيه.
وانتهى حب الفقراء بالسلطان فخر الدين إلى أن جعل أحدهم نائباً عنه في الملك بسدكاوان، وكان يسمى شَيْدا "بفتح الشين المعجم والدال المهمل بينهما ياء آخر الحروف"، وخرج إلى قتال عدو له. فخالف عليه شَيْدا وأراد الاستبدد بالملك وقتل ولداً للسلطان فخر الدين لم يكن له ولد غيره، فعلم بذلك فكّر عائداً إلى حضرته ففر شيدا ومن اتبعه إلى مدينة سُنُرْهكاوان، وهي منيعة. فبعث السلطان بالعساكر إلى حصاره فخاف أهلها على أنفسهم فقبضوا على شَيْدا وبعثوه إلى عسكر السلطان فكتبوا إليه بأمره فأمرهم أن يبعثوا له رأسه فبعثوه. وقتل بسببه جماعة كبيرة من الفقراء. ولما دخلت سدكاوان لم أر سلطانها ولا لقيته، وعلمت أنه مخالف على ملك الهند. فخفت عاقبة ذلك،