حرير للرمي عند السلام فأخذوهما ولم يخرج الوزير إلي ذلك اليوم. وأتى إلي بولدي فظهر لي أن إقامته معهم خير له. فرددته إليهم، وأقمت خمسة أيام وظهر لي أن تعجيل السفر أولى. فطلبت الإذن في ذلك، فاستدعاني الوزير ودخلت عليه وأتوني بالثوبين اللذين أخذوهما مني فرميتهما عند السلام على العادة. وأجلسني إلى جانبه وسألني عن حالي وأكلت معه الطعام وغسلت يدي معه في الطست، وذلك شيء لا يفعله مع أحد. وأتوا بالتنبول وانصرفت، وبعث إلي بأثواب وبساتي من الودع وأحسن أفعاله وأجمل. وسافرت، فأقمنا على ظهر البحر ثلاثاً وأربعين ليلةً ثم وصلنا إلى بلاد بَنْجالة "وضبطها بفتح الباء الموحدة وسكون النون وجيم معقود، وألف ولام مفتوح"، وهي بلاد متسعة كثيرة الأرز. ولم أر في الدنيا أرخص أسعاراً منها لكنها مظلمة. وأهل خراسان يسمونها دوزخست "دوزخ" بور "بر" نعمة، معناه: جهنم ملأى بالنعم. رأيت الأرز يباع في أسواقها خمسة وعشرين رطلاً دهلية بدينار فضي والدينار الفضي هو ثمانية دراهم ودرهمهم كالدرهم النقرة سواء والرطل الدهلي عشرون رطلاً مغربية، وسمعتهم يقولون إن ذلك غلاء عندهم. وحدثني محمد المصمودي المغربي وكان من الصالحين وسكن هذا البلد قديماً ومات عندي بدهلي، أنه كانت له زوجة وخادم فكان يشتري قوت ثلاثتهم في السنة بثمانية دراهم وأنه كان يشتري الأرز في قشره بحساب ثمانين رطلا دهلية بثمانية دراهم فإذا دقه خرج منه خمسون رطلاً صافية وهي عشرة قناطير. ورأيت البقرة تباع بها للحلب بثلاثة دنانير فضة وبقرهم الجواميس، ورأيت الدجاج السمان تباع بحساب ثمان بدرهم واحد، وفراخ الحمام يباع خمسة عشر منها بدرهم، ورأيت الكبش السمين يباع بدرهمين. ورطل السكر بأربعة دراهم وهو رطل دهلي، ورطل الجلاب بثمانية دراهم، ورطل السمن بأربعة دراهم، ورطل السيرج بدرهمين، ورأيت ثوب القطن الرقيق الجيد الذي ذرعه ثلاثون ذراعاً يباع بدينارين، ورأيت الجارية المليحة للفراش تباع بدينار من الذهب واحد، وهو ديناران ونصف دينار من الذهب المغربي. واشتريت بنحو هذه القيمة جارية تسمى عاشورة وكان لها جمال بارع. واشترى بعض أصحابي غلاماً صغير السن حسناً اسمه لؤلؤ بدينارين من الذهب. وأول مدينة دخلناها من بلاد بنجالة مدينة سُدْكاوَان، وضبط اسمها "بضم السين وسكون الدال المهملين وفتح الكاف والواو وآخره نون"، وهي