وعدت إلى فتن، فوجدت ثمانية من المراكب تسافر إلى اليمن، فسافرت في أحدها ولقينا أربعة أجفان فقاتلتنا يسيراً ثم انصرفت. ووصلنا إلى كولم وكان فيّ بقية مرض فأقمت ثلاثة أشهر. ثم ركبت في مركب بقصد السلطان جمال الدين الهنوري، فخرج علينا الكفار بين هنور وفاكنور.
ولما وصلنا إلى الجزيرة الصغرى بين هنور وفاكنور خرج علينا الكفار في اثنى عشر مركباً حربية وقاتلونا قتالاً شديداً وتغلبوا علينا، فأخذوا جميع ما عندي مما كنت أدخره للشدائد، وأخذوا الجواهر واليواقيت التي أعطانيها ملك سيلان، وأخذوا ثيابي والزوادات التي كانت عندي مما أعطانيه الصالحون والأولياء، ولم يتركوا لي ساتراً خلا السراويل، وأخذوا ما كان لجميع الناس وأنزلونا بالساحل. فرجعت إلى قالقوط فدخلت بعض المساجد فبعث إلي أحد الفقهاء بثوب، وبعث القاضي بعمامة، وبعث بعض التجار بثوب آخر. وتعرفت هنالك بتزوج الوزير عبد الله بالسلطانة خديجة بعد موت الوزير جمال الدين وبأن زوجتي التي تركتها حاملاً ولدت ولدا ذكراً، فخطر لي السفر إلى الجزائر. وتذكرت العداوة التي بيني وبين الوزير عبد الله ففتحت المصحف فخرج لي {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا} 1. فاستخرت الله وسافرت. فوصلت بعد عشرة أيام إلى جزائر ذيبة المهل ونزلت منها بكنلوس فأكرمني واليها. عبد العزيز المقدشاوي وأضافني وجهز لي كندرة. ووصلت بعد ذلك إلى هللي، وهي الجزيرة التي تخرج السلطانة وخواتها إليها برسم التفرج والسياحة، ويسعون ذلك التتجر. ويلعبون في المراكب ويبعث لها الوزراء والأمراء بالهدايا والتحف متى كانت بها. ووجدت بها أخت السلطانة وزوجها الخطيب محمد بن الوزير جمال الدين وأمها التي كانت زوجتي. فجاء الخطيب إلي وأتوا بالطعام. ومر بعض أهل الجزيرة إلى الوزير عبد الله فأعلموه بقدومي. فسأل عن حالي، وعمن قدم معي. وأخبر أني جئت برسم حمل ولدي وكانت سنه نحو عامين وأتته أمه تشكو من ذلك. فقال لها: أنا لا أمنعه من حمل ولده. وصادرني في دخول الجزيرة وأنزلني بدار تقابل برج قصره ليتطلع على حالي. وبعث إلي بكسوة كاملة وبالتنبول وماء الورد على عادتهم. وجئت بثوبي