الحموض، فأضافني وقال لي: إن دخلت جزيرة المهل أمسكك الوزير بها. فإنهم لا قاضي عندهم. وكان غرضي أن أسافر منها إلى المعبر وسرنديت وبنجالة ثم إلى الصين وكان قدومي عليها في مركب الناخوذة عمر الهنوري وهو من الحجاج الفضلاء.
ولما وصلنا كنلوس أقام بها عشراً ثم اكترى كندرة يسافر فيها إلى المهل بهدية للسلطانة وزوجها، فأردت السفر معه، فقال: لا تسعك الكندرة أنت وأصحابك فإن شئت السفر منفرداً عنهم فدونك فأبيت ذلك، وسافر فلعبت به الريح وعاد إلينا بعد أربعة أيام وقد لقي شدائد فاعتذر لي وعزم علي في السفر معه بأصحابي فكنا نرحل غدوة فننزل في وسط النهار لبعض الجزائر ونرحل فنبيت بأخرى.
ووصلنا بعد أربعة أيام إلى إقليم التيم. وكان الكردوي يسمى بها هلالاً، فسلم علي وأضافني وجاء إلي ومعه أربعة رجال وقد جعل اثنان منهم عوداً على أكتافهما وعلقا منه أربع دجاجات وجعل الآخران عوداً مثله وعلقا منه نحو عشر من جوز النارجيل فعجبت من تعظيمهم لهذا الشيء الحقير، فأخبرت أنهم صنعوه على جهة الكرامة والإجلال. ورحلنا عنهم فنزلنا في اليوم السادس بجزيرة عثمان وهو رجل فاضل من خيار الناس فأكرمنا وأضافنا. وفي اليوم الثامن نزلنا بجزيرة لوزير يقال له التلمذي. وفي اليوم العاشر وصلنا إلى جزيرة المهل حيث السلطانة وزوجها وأرسينا بمرساها. وعادتهم أن لا ينزل أحد من المرسى إلا بإذنهم فأذنوا لنا في النزول وأردت التوجه إلى بعض المساجد فمنعني الخدام الذين بالساحل وقالوا لا بد من الدخول إلى الوزير.
وكنت أوصيت الناخوذة أن يقول إذا سئل عني: لا أعرفه خوفاً من إمساكهم إياي. ولم أعلم أن بعض أهل الفضول قد كتب إليهم معرفاً بخبري، وأني كنت قاضياً بدهلي، فلما وصلنا إلى الدار وهو المشور نزلنا في سقائف على الباب الثالث منه وجاء القاضي عيسى اليمني فسلم علي وسلمت على الوزير وجاء الناخوذة إبراهيم بعشرة أثواب فخدم لجهة السلطانة ورمى بثوب منها ثم خدم للوزير ورمى بثوب آخر ورمى بجميعها. وسئل عني فقال: لا أعرفه. ثم أخرجوا إلينا التنبول وماء الورد وذلك هو الكرامة عندهم وأنزلنا بدار وبعث إلينا الطعام وهو قصعة كبيرة فيها الأرز،