ويذكرها الخطيب يوم الجمعة وغيرها، فيقول: اللهم انصر أمتك التي اخترتها على علم على العالمين، وجعلتها رحمة لكافة المسلمين، ألا وهي السلطانة خديجة بنت السلطان جلال الدين بن السلطان صلاح الدين. ومن عادتهم إذا قدم الغريب عليهم ومضى إلى المشور وهم يسمونه الدار فلا بد له أن يستصحب ثوبين فيخدم لجهة هذه السلطانة ويرمي بأحدهما ثم يخدم لوزيرها وهو زوجها جمال الدين ويرمي بالثاني. وجندها نحو ألف نفرٍ من الغرباء وبعضهم بلديون. ويأتون كل يوم إلى الدار، فيخدمون وينصرفون. ومرتبهم الأرز يعطاهم من البندر في كل شهر، فإذا تم الشهر أتوا الدار وخدموا، وقالوا للوزير: بلغ عنا الخدمة، واعلم بأنا أتينا نطلب مرتبنا. فيؤمر لهم بها عند ذلك. ويأتي أيضا إلى الدار كل يوم القاضي وأرباب الخطط وهم الوزراء عندهم فيخدمون ويبلغ خدمتهم الفتيان وينصرفون.

وهم يسمون الوزير الأكبر النائب عن السلطانة كَلَكي "بفتح الكاف الأولى واللام" ويسمون القاضي فَنْدْيَار قَالُوَا "وضبط ذلك بفاء مفتوح ونون مسكن ودال مهمل مفتوح وياء آخر الحروف وألف وراء وقاف وألف ولام مضمومٌ) ، وأحكامهم كلها راجعة إلى القاضي، وهو أعظم عندهم من الناس أجمعين، وأمره كأمر السلطان وأشد ويجلس على بساط في الدار. وله ثلاثة جزائر يأخذ مجباها لنفسه عادة قديمة أجراها السطان أحمد شنورازة ويسمون الخطيب هَنْدِيجَرِي "بفتح الهاء وسكون النون وكسر الدال وياء مد وجيم ومفتوح وراء وياء". ويسمون صاحب الديوان الفَاملداري "بفتح الفاء والدال المهمل"، واسم صاحب الأشغال مَافَاكَلُو "بفتح الميم والكاف وضم اللام" واسم الحاكم فِتْنَايَك "بكسر الفاء وسكون التاء المعلوة وفتح النون وألف وياء آخر الحروف" واسم قائد البحر مَانَايَاك "بفتح الميم والنون والياء". وكل من هؤلاء يسمى وزيراً. ولا سجن عندهم بتلك الجزائر، إنما يحبس أرباب الجرائم في بيوت خشب هي معدة لأمتعة التجار ويجعل أحدهم في خشبة كما يفعل عندنا بأساري الروم.

ولما وصلت إليها نزلت منها بجزيرة كنلوس، وهي جزيرة حسنة فيها المساجد الكثيرة ونزلت بدار رجل من صلحائها وأضافني بها الفقيه علي وكان فاضلاً له أولاد من طلبة العلم. ولقيت بها رجلا اسمه محمد من أهل ظفار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015