وتدور بها صحاف فيها اللحم الخليع والدجاج والسمن والسمك. ولما كان بالغد مضيت مع الناخوذة والقاضي عيسى اليمني لزيارة زاوية في طرف الجزيرة عمرها الشيخ الصالح نجيب وعدنا ليلاً. وبعث الوزير إلي صبيحة تلك الليلة كسوة وضيافة فيها الأرز والسمن والخليع وجوز النارجيل والعسل المصنوع منها وهم يسمونه القُرْبَاني "بضم القاف وسكون الراء وفتح الباء الموحدة، وألف ونون وياء"، ومعنى ذلك ماء السكر. وأتوا بمائة ودعة للنفقة. وبعد عشرة أيام قدم مركب من سيلان فيه فقراء من العرب والعجم يعرفونني فعرفوا خدام الوزير بأمري فزاد اغتباطاً بي، وبعث عني عند استهلال رمضان فوجدت الأمراء والوزراء. وأحضر الطعام في موائد يجتمع على المائدة طائفة فأجلسني الوزير إلى جانبه ومعه القاضي عيسى والوزير الفاملداري والوزير عمر دهرد ومعناه مقدم العسكر. وطعامهم الأرز والدجاج والسمن والسمك والخليع والموز المطبوخ، ويشربون بعده عسل النارجيل مخلوطاً بالأفاويه، وهو يهضم الطعام. وفي التاسع من شهر رمضان مات صهر الوزير زوج بنته وكانت قبله عند السلطان شهاب الدين ولم يدخل بها أحد منهما لصغرها، فردها أبوها لداره وأعطاني دارها وهي من أجمل الدور. واستأذنته في ضيافة الفقراء القادمين من زيارة القدم1 فأذن لي في ذلك وبعث إلي خمساً من الغنم وهي عزيزة عندهم لأنها مجلوبة من المعبر والمليبار ومقدشو، وبعث الأرز والدجاج والسمن والأبازير، فبعثت ذلك كله إلى دار الوزير سليمان مانايك فطبخ لي بها فأحسن في طبخه وزاد فيه وبعث الفرش وأواني النحاس وأفطرنا على العادة بدار السلطانة مع الوزير. واستأذنته في حضور بعض الوزراء بتلك الضيافة فقال لي وأنا أحضر أيضاً فشكرته وانصرفت إلى داري، فإذا به قد جاء ومعه الوزراء وأرباب الدولة فجلس في قبة خشب مرتفعة وكان كل من يأتي من الأمراء والوزراء يسلم على الوزير ويرمي بثوب غير مخيط حتى اجتمع مائة ثوب أو نحوها، فأخذها الفقراء وقدم الطعام فأكلوا ثم قرأ القراء بالأصوات الحسان ثم أخذوا في السماع والرقص وأعددت النار فكان الفقراء يدخلونها ويطؤونها بالأقدام ومنهم من يأكلها كما تؤكل الحلواء إلى أن خمدت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015