الأشجار. فالماشي بها كأنه في بستان ومع ذلك لا بد لكل داخل إلى الدار أن يغسل رجليه بالماء الذي في الخابية بالمالم، ويمسحها بحصير غليظ من الليف يكون هنالك، ثم يدخل بيته وكذلك يفعل كل داخل إلى المسجد.
ومن عوائدهم إذا قدم عليهم مركب أن تخرج إليه الكنادر وهي القوارب الصغار وإحداها كُنْدُرة "بضم الكاف والدال". وفيها أهل الجزيرة معهم التنبول أو الكرنبة وهي جوز النارجيل الأخضر، فيعطي الإنسان منهم ذلك لمن شاء من أهل المركب ويكون نزيله ويحمل أمتعته إلى داره كأنه بعض أقربائه. ومن أراد التزوج من القادمين عليهم تزوج فإذا حان سفره طلق المرأة لأنهن لا يخرجن عن بلادهن. ومن لم يتزوج فالمرأة التي ينزل بدارها تطبخ له وتخدمه وتزوّده إذا سافر وترضى منه في مقابلة بأيسر شيء من الإحسان. وفائدة المخزن ويسمونه البندر أن يشتري من كل سلعة بالمركب حظاً بسوم معلوم سواء كانت السلعة تساوي ذلك أو أكثر منه ويسمونه شرع البندر ويكون للبندر بيت في كل جزيرة من الخشب يسمونه البَجَنْصار "بفتح الباء الموحدة والجيم وسكون النون وفتح الصاد المهمل وآخره راء"، يجمع به الوالي وهو الكردوري جميع سلعه ويبيع بها ويشتري. وهم يشترون الفخار إذا جلب إليهم بالدجاج فتباع عندهم القدر بخمس دجاجات وست، وتحمل المراكب من هذه الجزائر السمك الذي ذكرناه وجوز النارجيل والفوط والوليان والعمائم وهي من القطن ويحملون منها أواني النحاس. فإنها عندهم كثيرة ويحملون الودع ويحملون القنبر وهو ليف جوز النارجيل وهم يدبغونه في حفر على الساحل ثم يضربونه بالمرازب ثم تغزله النساء وتصنع منه الحبال لخياطة المراكب وتحمل إلى الصين والهند واليمن وهو خير من القنب. وبهذه الحبال تخاط مراكب الهند واليمن لأن ذلك البحر كثير الحجارة، فإن كان المركب مسمراً بمسامير الحديد صدم الحجارة فانكسر وإذا كان مخيطاً بالحبال أعطى الرطوبة فلم ينكسر. وصرف أهل هذه الجزائر الودع وهو حيوان يلتقطونه في البحر ويضعونه في حفر هنالك فيذهب لحمه ويبقى عظمه أبيض ويسمون المائة منه سياه "بسين مهمل وياء آخر الحروف" ويسمونه السبعمائة منه الفال "بالفاء"، ويسمونه الاثنى عشر ألفاً منه الكتيّ "بضم الكاف وتشديد التاء