ولو ليمونة عاقبه أمير الكفار وضربه الضرب المبرح خوفاً من عاقبة ذلك. ولولا هذا لكانوا أهون الناس على قاصدهم بالقتال لضعف بنيتهم. وفي كل جزيرة من جزائرهم المساجد الحسنة وأكثر عمارتهم الخشب. وهم أهل نظافة وتنزه عن الأقذار وأكثرهم يغتسلون مرتين في اليوم تنظفا لشدة الحر بها وكثرة العرق ويكثرون من الأدهان العطرية كالصندلية وغيرها ويتلطخون بالغالية المجلوبة من مقدشو. ومن عادتهم أنهم إذا صلوا الصبح أتت كل امرأة إلى زوجها أو ابنها بالمكحلة وبماء الورد ودهن الغالية فيكحل عينيه ويدهن بماء الورد ودهن الغالية فتصقل بشرته وتزيل الشحوب عن وجهه. ولباسهم فوط يشدون الفوطة منها على أوساطهم عوض السراويل ويجعلون على ظهورهم ثياب الوليان "بكسر الواو وسكون اللام وياء" وهي شبه الأحاريم وبعضهم يجعل عمامة وبعضهم منديلاً صغيراً عوضا منها. وإذا لقي أحدهم القاضي أو الخطيب وضع ثوبه عن كتفيه وكشف ظهره ومضى معه كذلك حتى يصل إلى منزله. ومن عوائدهم أنه إذا تزوج الرجل منهم ومضى إلى دار زوجته بسطت له ثياب القطن من باب دارها إلى باب البيت وجعل عليها غرفات من الودع عن يمين طريقه إلى البيت وشماله وتكون المرأة واقفة عند باب البيت تنتظره فإذا وصل إليها رمت على رجليه ثوباً يأخذه خدامه. وإن كانت المرأة هي التي تأتي إلى منزل الرجل بسطت داره وجعل فيها الودع ورمت المرأة عند الوصول إليه الثوب على رجليه. وكذلك عادتهم في السلام على السلطان عندهم لا بد من ثوب يرمى عند ذلك وسنذكره.

وبنيانهم بالخشب ويجعلون سطوح البيوت مرتفعة عن الأرض توقياً من الرطوبات لأن أرضهم ندية. وكيفية ذلك أن ينحتوا حجارة يكون طول الحجر منها ذراعين أو ثلاثة ويجعلونها صفوفا ويعرضون عليها خشب النارجيل ثم يضعون الحيطان من الخشب ولهم صناعة عجيبة في ذلك. ويبنون في أسطوان الدار بيتاً يسمونه المالَم "بفتح اللام" يجلس الرجل به مع أصحابه ويكون له بابان أحدهما إلى جهة الأسطوان يدخل منه الناس والآخر إلى جهة الدار يدخل منه صاحبها. ويكون عند هذا البيت خابية مملوءة ماء ولها مستقى يسمونه الوالنج "بفتح الواو واللام وسكون النون وجيم" هو من قشر جوز النارجيل، وله نصاب طوله ذراعان. وبه يسقون الماء من الآبار لقربها. وجميعهم حفاة الأقدام من رفيع ووضيع، وأزقتهم مكنوسة نقية، تظللها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015