والفوفل والتنبول، وبها القلقاس الكثير، ويطبخون به اللحم. وأما الموز فلم أر في البلاد أكثر منه بها ولا أرخص ثمن، وفيها الباين الأعظم، طوله خمسمائة وعرضه ثلاثمائة خطوة وهو مطوي بالحجارة الحمر المنحوتة وعلى جوانبة ثمان وعشرون قبة من الحجر في كل قبة أربع مجالس من الحجر. وكل قبة يصعد إليها على درج حجارة وفي وسطه قبة كبيرة من ثلاث طبقات في كل طبقة أربع مجالس. وذكر لي أن والد هذا السلطان كويل هو الذي عمر هذا الباين وبإزائه مسجد للمسلمين، وله أدراج ينزل منها إليه فيتوضأ منه الناس ويغتسلون. وحدثني الفقيه حسين أن الذي عمر المسجد والباين أيضاً هو أحد أجداد كويل وأنه كان مسلماً، ولإسلامه خبر عجيب نذكره.

ورأيت بإزاء الجامع شجرة خضراء ناعمة تشبه أوراقها أوراق التين، إلا أنها لينة وعليها حائط يطيف بها وعندها محراب صليت فيه ركعتين. واسم هذه الشجرة عندهم درخت الشهادة ودَرَخْت "بفتح الدال المهمل والراء وسكون الخاء المعجم وتاء معلوة " وأخبرت هنالك أنه اذا كان زمان الخريف من كل سنة تسقط من هذه الشجرة ورقة واحدة بعد أن يستحيل لونها إلى الصفرة ثم إلى الحمرة ويكون فيها مكتوباً بقلم القدرة لا إله الا الله محمد رسول الله. وأخبرني الفقيه حسين وجماعة من الثقات أنهم عاينوا هذه الورقة وقرؤا المكتوب الذي فيها. وأخبرني أنه إذا كانت أيام سقوطها قعد تحتها الثقات من المسلمين والكفار فإذا سقطت أخذ المسلمون نصفها وجعل نصفها في خزانة السلطان الكافر وهم يستشفون بها للمرضى. وهذه الشجرة كانت سبب إسلام جد كويل الذي عمر المسجد والباين، فإنه كان يقرأ الخط العربي فلما قرأها وفهم ما فيها أسلم وحسن إسلامه. وحكايته عندهم متواترة. وحدثني الفقيه حسين أن أحد أولاده كفر بعد أبيه وطغى وأمر باقتلاع الشجرة من أصلها فاقتلعت ولم يترك لها أثر، ثم إنها نبتت بعد ذلك وعادت كأحسن ما كانت عليه وهلك الكافر سريعاً. ثم سافرنا إلى مدينة بدفتن وهي مدينة كبيرة على خور كبير وبخارجها مسجد بمقربة من البحر يأوي إليه غرباء المسلمين لأنه لا مسلم بهذه المدينة. ومرساها من أحسن المراسي وماؤها عذب والفوفل بها كثير ومنها يحمل للهند والصين وأكثر أهلها براهمة وهم معظمون عند الكفار مبغضون في المسلمين ولذلك ليس بينهم مسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015