وقد أخبرت أن سبب تركهم هذا المسجد غير مهدوم أن أحد البراهمة خرب سقفه ليصنع منه سقفاً لبيته فاشتعلت النار في بيته فاحترق هو وأولاده ومتاعه فاحترموا هذا المسجد ولم يتعرضوا له بسوء بعدها وخدموه وجعلوا بخارجه الماء يشرب منه الصادر والوارد وجعلوا على بابه شبكة لئلا يدخله الطير. ثم سافرنا من مدينة بدفتن إلى مدينة فَنْدَرينا "وضبط اسمها بفاء مفتوحة ونون ساكن ودال مهمل وراء مفتوحة وياء آخر الحروف". مدينة كبيرة ذات بساتين وأسواق وبها للمسلمين ثلاث محلات وفي كل محلة مسجد والجامع بها على الساحل وهو عجيب له مناظر ومجالس على البحر وقاضيها وخطيبها رجل من أهل عمان وله أخ فاضل. وبهذا البلدة تشتو مراكب الصين. ثم سافرنا منها إلى مدينة قالقوط "وضبط اسمها بقافين وكسر اللام وضم القاف الثاني وآخره طاء مهمل" وهي إحدى البنادر العظام ببلاد المليبار يقصدها أهل الصين والجاوة وسيلان والمهل وأهل اليمن وفارس، ويجتمع بها تجار الآفاق. ومرساها من أعظم مراسي الدنيا وسلطانها كافر يعرف بالسامري شيخ مسن يحلق لحيته كما يفعل طائفة من الروم رأيته بها وسنذكره إن شاء الله. وأمير التجار بها إبراهيم شاه بندر من أهل البحرين فاضل ذو مكارم يجتمع إليه التجار ويأكلون في سماطه وقاضيها فخر الدين عثمان فاضل كريم وصاحب الزاوية بها الشيخ شهاب الدين الكازروني وله تعطى النذور التي ينذر بها أهل الهند والصين للشيخ أبي إسحاق الكازوني نفع الله به. وبهذه المدينة الناخوذة مثقال الشهير الاسم صاحب الأموال الطائلة والمراكب الكثيرة لتجارته بالهند والصين واليمن وفارس. ولما وصلنا إلى هذه المدينة خرج إلينا إبراهيم شاه بندر والقاضي والشيخ شهاب الدين وكبار التجار ونائب السلطان الكافر المسمى بقلاج "بضم القاف وآخره جيم" ومعهم الأطبال والأنفار والأبواق والأعلام في مراكبهم. ودخلنا المرسى في بروز عظيم ما رأيت مثله بتلك البلاد فكانت فرحة تتبعها ترحة. وأقمنا بمرساها وبه يومئذ ثلاثة من مراكب الصين. ونزلنا بالمدينة وجعل كل واحد منا في دار وأقمنا ننتظر زمان السفر إلى الصين ثلاثة أشهر ونحن في ضيافة الكافر، وبحر الصين لا يسافر فيه إلا بمراكب الصين ولنذكر ترتيبها.

ومراكب الصين ثلاثة أصناف: الكبار منها تسمى الجنوك، واحدها جُنْك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015