الحرب بينهم وبين أهل المدينة فيصلح السلطان بينهم لحاجته إلى التجار. وبها قاض من الفضلاء الكرماء شافعي المذهب يسمى بدر الدين المعبري، وهو يقرئ العلم. صعد إلينا إلى المركب ورغب منا في النزول إلى بلده. فقلنا حتى يبعث السلطان ولده يقيم بالمركب، فقال: إنما فعل ذلك سلطان فاكنور لأنه لا قوة للمسلمين في بلده. وأما نحن فالسلطان يخافنا. فأبينا عليه إلا أن بعث السلطان ولده. فبعث ولده كما فعل الآخر. ونزلنا إليهم وأكرمونا إكراماً عظيماً، وأقمنا عنده ثلاثة ايام. ثم سافرنا إلى مدينة هِيلِي، فوصلناها بعد يومين "وضبط اسمها بهاء مكسورة وياء مد ولام مكسور". وهي كبيرة حسنة العمارة على خور عظيم تدخله المراكب الكبار. وإلى هذه المدينة تنتهي مراكب الصين ولا تدخل إلا مرساها ومرسى كولم قالقوط. ومدينة هيلي معظمة عند المسلمين والكفار بسبب مسجدها الجامع فإنه عظيم البركة مشرق النور وركاب البحر ينذرون له النذور الكثيرة، وله خزانة مال عظيمة تحت نظر الخطيب حسين وحسن الوزان كبير المسلمين. وبهذا المسجد جماعة من الطلبة يتعلمون العلم ولهم مرتبات من مال المسجد. وله مطبخة فيها الطعام للوارد والصادر ولإطعام الفقراء من المسلمين بها. ولقيت بهذا المسجد فقيهاً صالحاً من أهل مقدشو يسمى سعيداً حسن اللقاء والخلق يسرد الصوم. ويذكر لي أنه جاور بمكة أربع عشرة سنة، ومثلها بالمدينة. وأدرك الأمير بمكة أبا نمي والأمير بالمدينة منصور بن جماز. وسافر في بلاد الهند والصين. ثم سافرنا من هيلي إلى مدينة جُرْفَتَّن "وضبط اسمها بضم الجيم وسكون الراء وفتح الفاء وفتح التاء المعلوة وتشديدها وآخره نون" وبينه وبين هيلي ثلاثة فراسخ. ولقيت بها فقيهاً من أهل بغداد كبير القدر يعرف بالصرصري نسبه إلى بلدة على مسافة عشرة أميال من بغداد في طريق الكوفة، واسمها كاسم صرصر التي عندنا بالمغرب، وكان له أخ بهذه المدينة كثير المال له أولاد صغار أوصى إليه بهم. وتركته آخذاً في حملهم إلى بغداد. وعادة أهل الهند كعادة السودان لا يتعرضون لمال الميت ولو ترك الآلاف إنما يبقى ماله بيد كبير المسلمين حتى يأخذه مستحقه شرعًا. وسلطانها يسمى بِكُوَيل "بضم الكاف على لفظ التصغير" وهو من أكبر سلاطين المليبار. وله مراكب كثيرة تسافر إلى عمان وفارس واليمن ومن بلاده فتن وبدفتن وسنذكهما. وسرنا من جرفتن إلى مدينة دَهْ فَتّن "بفتح الدال المهمل وسكون الهاء"، وقد ذكرنا ضبط فتن. وهي مدينة كبيرة على خور، كثيرة البساتين. وبها النارجيل والفلفل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015