فركبت على عنقه. وقال لي أكثر من قراءة: حسبنا الله ونعم الوكيل، فأكثرت من ذلك.
وغلبتني عيني فلم أفق إلا لسقوطي على الأرض فاستيقظت ولم أر للرجل أثراً وإذا أنا في قرية عامرة فدخلتها فوجدتها لرعية الهنود وحاكمها من المسلمين، فأعلموه بي فجاء إلي. فقلت له: ما اسم هذه القرية؟ فقال لي: تاج بوره وبينها وبين مدينة كُول حيث أصحابنا فرسخان. وحملني ذلك الحاكم إلى بيته فأطعمني طعاماً سخناً واغتسلت. وقال لي: عندي ثوب وعمامة أودعهما عندي رجل عربي مصري من أهل المحلة التي بِكُول فقلت له: هاتهما ألبسهما إلى أن أصل إلى المحلة. فأتي بهما فوجدتهما من ثيابي كنت قد وهبتهما لذلك العربي لما قدمنا كُول فطال تعجبي من ذلك.
وفكّرت في الرجل الذي حملني على عنقه، فتذكرت ما أخبرني به ولي الله تعالى أبو عبد الله المرشدي حسبما ذكرناه في السفر الأول إذ قال لي ستدخل أرض الهند وتلقي بها أخي دلشاد ويخلصك من شدة تقع فيها وتذكرت قوله لما سألته عن اسمه فقال القلب الفارح وتفسيره بالفارسية دلشاد فعلمت أنه هو الذي أخبرني بلقائه وأنه من الأولياء ولم يحصل لي من صحبته إلا المقدار الذي ذكرت. وكتبت تلك الليلة إلى أصحابي بِكُول معلماً لهم بسلامتي فجاؤا إلي بفرس وثياب واستبشروا بي ووجدت جواب السلطان قد وصلهم وبعث بفتى يسمى بسنبل الجامدار عوضا من كافور المستشهد وأمرنا أن نتمادى على سفرنا ووجدتهم أيضا قد كتبوا للسلطان بما كان من أمري وتشاءموا بهذه السفرة لما جرى فيها علي وعلى كافور وهم يريدون أن يرجعوا فلما رأيت تأكيد السلطان في السفر أكدت عليهم وقوي عزمي، فقالوا: ألا ترى ما اتفق في بداية هذه السفرة والسلطان يعذرك فلنرجع إليه أو نقيم حتى يصل جوابه. فقلت لهم: لا يمكن المقام وحيث ما كنا أدركنا الجواب من كُول إلى دولة آباد. فرحلنا من كُول ونزلنا برج بوره، وبه زاوية حسنة فيها شيخ حسن الصورة والسيرة يسمى بمحمد العريان لأنه لا يلبس عليه إلا ثوباً من سرته إلى أسفل وباقي جسده مكشوف. وهو تلميذ الصالح الولي محمد العريان القاطن بقرافة مصر نفع الله به، وكان من أولياء الله تعالى قائماً على قدم التجرد يلبس تنورة وهو ثوب يستر من سرته إلى أسفل ويذكر أنه كان إذا صلى العشاء الآخرة أخرج كل ما بقي بالزاوية من طعام وأدام وماء وفرق ذلك على المسلمين ورمى بفتيلة السراج وأصبح على غير