معلوم. وكانت عادته أن يطعم أصحابه عند الصباح خبزاً وفولاً فكان الخبازون والفوالون يستبقون إلى زاويته فيأخذ منهم مقدار ما يكفي الفقراء ويقول لمن أخذ منه ذلك: اقعد حتى يأخذ أول ما يفتح به عليه في ذلك اليوم قليلاً أو كثيراً. ومن حكاياته أنه لما وصل قازان ملك التتر إلى الشام بعساكره وملك دمشق ما عدا قلعتها وخرج الملك الناصر إلى مدافعته ووقع اللقاء على مسيرة يومين من دمشق بموضع يقال له قشحب والملك الناصر إذ ذاك حديث السن لم يعهد الوقائع وكان الشيخ العريان في صحبته فنزل وأخذ قيداً فقيد به فرس الملك الناصر لئلا يتزحزح عند اللقاء لحداثة سنه فيكون ذلك سبب هزيمة المسلمين فثبت الملك الناصر وهزم التتر هزيمة شنعاء قتل منهم فيها كثير وغرق كثير بما أرسل عليهم من المياه ولم يعد التتر إلى قصد بلاد الإسلام بعدها. وأخبرني الشيخ محمد العريان المذكور تلميذ هذا الشيخ أنه حضر هذه الوقيعة وهو حديث السن. ورحلنا من برج بوره ونزلنا على الماء المعروف بآب سياه، ثم رحلنا إلى مدينة قِنَوْج "وضبط اسمها بكسر القاف وفتح النون وواو ساكن وجيم" مدينة كبيرة حسنة العمارة حصينة رخيصة الأسعار كثيرة السكر ومنها يحمل إلى دهلي وعليها سور عظيم وقد تقدم ذكرها. وكان بها الشيخ معين الدين الباخرزي أضافنا بها، وأميرها فيروز البدخشاني من ذرية بهرام جور صاحب كسرى ويسكن بها جماعة من الصلحاء الفضلاء المعروفين بمكارم الأخلاق يعرفون بأولاد شرف جهان، وكان جدهم قاضي القضاة بدولة آباد، وهو من المحسنين المتصدقين، وانتهت الرئاسة ببلاد الهند إليه.

وقد عزل مرة عن القضاء وكان له أعداء فادعى أحدهم عند القاضي الذي ولي بعده أن له عشرة آلاف دينار قبله، ولم تكن له بينة وكان قصده أن يحلفه، فبعث القاضي له، فقال لرسوله: بم ادعى علي؟ فقال: بعشرة آلاف دينار. فبعث إلى مجلس القاضي عشرة آلاف وسلمت للمدعي. وبلغ خبره السلطان علاء الدين وصحّ عنده بطلان تلك الدعوى فأعاده إلى القضاء وأعطاه عشرة آلاف. وأقمنا بهذه المدينة ثلاثاً ووصلنا فيها جواب السلطان في شأني بأنه إن لم يظهر لفلان أثر فيتوجه وجيه الملك قاضي دولة آباد عوضاً منه. ثم رحلنا من هذه المدينة فنزلنا بمنزل هنول، ثم بمنزل وزير بور، ثم بمنزل البجالصة، ثم وصلنا إلى مدينة مَوْري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015