القائم بها وكنت قد خلصت أصحاب الدين وعزمت على السفر وأعطيت مرتب تسعة أشهر للكهارين والفراشين والكيوانية والدوادوية وقد تقدم ذكرهم فخرج الأمر بإقامتي في جملة ناس وأخذ الحاجب خطوطنا بذلك لتكون حجة له وتلك عادتهم خوفا من أن ينكر المبلغ وأمر لي بستة آلاف دينار دراهم وأمر لابن قاضي مصر بعشرة آلاف وكذلك كل من أقام من الأعزة وأما البلديون فلم يعطو شيئاً، وأمرني السلطان أن أتولى النظر في مقبرة السلطان قطب الدين تقدم ذكره. وكان السلطان يعظم تربته تعظيماً شديداً لأنه كان خديماً له. ولقد رأيته إذا أتى قبره يأخذ نعله فيقلبه ويجعله فوق رأسه وعادتهم أن يجعلوا نعل الميت عند قبره فوق متكأة وكان إذا وصل القبر خدم له كما كان يخدم أيام حياته وكان يعظم زوجته ويدعوها بالأخت وجعلها مع حرمه. وزوجها بعد ذلك لابن قاضي مصر واعتنى به من أجلها وكان يمضي لزيارتها في كل جمعة. ولما خرج السلطان بعث عنا للوداع فقام ابن قاضي مصر فقال أنا لا أودع ولا أفارق خوند عالم فكان له في ذلك الخير فقال له السلطان امض فتجهز للسفر وقدمت بعدها للوداع وكنت أحب الإقامة ولم تكن عاقبتها محمودة فقال مالك من حاجة فأخرجت بطاقة فيها ست مسائل فقال لي تكلم بلسانك فقلت له أن خوند عالم أمر لي بالقضاء وما قعدت لذلك بعد وليس مرادي من القضاء إلا حرمته فأمرني بالقعود للقضاء وقعود النائبين معي ثم قال لي إيه فقلت وروضة السلطان قطب الدين ماذا أفعل فيها فإني رتبت فيها أربعمائة وستين شخصاً ومحصول أوقافها لا يفي بمرتباتهم وطعامهم فقال للوزير بنجاه هزار ومعناه خمسين ألفاً ثم قال لا بد لك من غلة بديه يعني أعطه مائة ألف من المغلة وهي القمح والأرز ينفقها في هذه السنة حتى تأتي غلة الروضة والمنّ عشرون رطلا مغربية، ثم قال لي: وماذا أيضا؟ فقلت أن أصحابي سجنوا بسبب القرى التي أعطيتموني فإني عوضتها بغيرها فطلب أهل الديوان ما وصلني منها أو الاستظهار بأمر خوند عالم أن يرفع عني ذلك فقال كم وصلك منها فقلت خمسة آلاف دينار فقال هي أنعام عليك فقلت له وداري التي أمرتم لي بها مفتقرة إلى البناء فقال للوزير عمارة كنيد، أي: معناه عمروها ثم قال لي ديكر نماند؟ معناه هل بقي لك كلام. فقلت: لا ثم قال لي وصية ديكر هست معناه أوصيك أن لا تأخذ الدين لئلا تطلب فلا تجد من يبلغ خبرك إلي أنفق على قدر ما أعطيتك. قال الله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ