خمسة عشر مركباً قدم بها في نهر السند تحمل أثقاله فسافرت.
وكان للفقيه علاء الملك في جملة سفنه سفينة تعرف بالأَهَوْرَة "بفتح الهمزة والهاء وسكون الواو وفتح الراء"، وهي نوع من الطريدة عندنا إلا أنها أوسع منها وأقصر وعلى نصفها مرعش من خشب يصعد له على درج وفوقه مجلس مهيأ لجلوس الأمير ويجلس أصحابه بين يديه ويقف المماليك يمنة ويسرة والرجال يقذفون وهم نحو أربعين ويكون مع هذه الأهورة أربعة من السفن عن يمينها ويسارها اثنان منها فيهما مراتب الأمير وهي العلامات والطبول والأبواق والأنفار والصرنايات وهي الغيطات والآخران فيهما أهل الطرب فتضرب الطبول والأبواق نوبة ويغني المغنون نوبة ولا يزالون كذلك من أول النهار إلى وقت الغداء فإذا كان وقت الغداء انضمت المراكب واتصل بعضهنا ببعض ووضعت بينهما الإصقالات وأتى أهل الطرب إلى أهورة الأمير فيغنون إلى أن يفرغ من أكله ثم يأكلون وإذا انقضى الأكل عادوا إلى مراكبهم وشرعوا في المسير على ترتيبهم إلى الليل فإذا كان الليل ضربت المحلة على شاطئ النهر ونزل الأمير إلى خيامه ومد السماط وحضر الطعام معظم العسكر فإذا صلوا العشاء الآخرة سمر السمار بالليل نوباً فإذا أتم أهل النوبة منهم نوبتهم نادى مناد منهم بصوت عال يا خوند ملك قد مضى من الليل كذا من الساعات، ثم يسمر أهل النوبة الأخرى فإذا أتموا نادى مناديهم أيضاً معلماً بما مر من الساعات فإذا كان الصبح ضربت الأبواق والطبول وصلّيت صلاة الصبح. وأتي بالطعام فإذا فرغ الأكل أخذوا في المسير فإن أراد الأمير ركوب النهر ركب على ما ذكرناه من الترتيب وإن أراد المسير في البر ضربت الأطبال والأبواق وتقدم حجابه ثم تلاهم المشاؤون بين يديه ويكون بين أيدي الحجاب ستة من الفرسان عند ثلاثة منهم أطبال قد تقلدوها وعند ثلاثة صرنايات فإذا أقبلوا على قرية أو ما هو من الأرض مرتفع ضربوا تلك الأطبال والصرنايات ثم تدق أطبال العسكر وأبواقه ويكون عن يمين الحجاب ويسارهم المغنون يغنون نوباً فإذا كان وقت الغداء نزلوا.
وسافرت مع علاء الملك خمسة أيام، ووصلنا إلى موضع ولايته، وهو مدينة لاَهَرِي "وضبط اسمها بفتح الهاء وكسر الراء" مدينة حسنة على ساحل البحر الكبير، وبها يصب نهر السند في البحر، فيلتقي بها بحران، ولها مرسى