قيصر الرومي وهما في خدمة السلطان ومعهما نحو ألف وثمانمائة فارس، وكان يسكن بها كافر من الهنود اسمه رَتَن "بفتح الراء وبفتح التاء المعلوة والنون" وهو من الحذاق بالحساب والكتابة، فوفد على ملك الهند مع بعض الأمراء فاستحسنه السلطان وسماه عظيم السند وولاه بتلك البلاد وأقطعه سيوستان وأعمالها وأعطاه المراتب وهي الأطبال والعلامات كما يعطي كبار الأمراء، فلما وصل إلى تلك البلاد عظم على وُنَار وقيصر وغيرهم تقديم الكافر عليهم فأجمعوا على قتله، فلما كان بعد أيام من قدومه أشاروا عليه بالخروج إلى أحواز المدينة ليطّلع على أمورها فخرج معهم فلما جن الليل أقاموا ضجة بالمحلة وزعموا أن السبع ضرب عليها وقصدوا مضرب الكافر فقتلوه. وعادوا إلى المدينة فأخذوا ما كان بها من مال السلطان وذلك اثنا عشر لكاً، واللّك مائة ألف دينار، وصرف اللّك عشرة آلاف دينار من ذهب الهند، وصرف الدينار الهندي ديناران ونصف دينار من ذهب المغرب وقدموا على أنفسهم وُنار المذكور وسموه ملك فيروز وقسم الأموال على العسكر ثم خاف على نفسه لبعده عن قبيلته فخرج فيمن معه من أقاربه وقصد قبيلته وقدم الباقون من العسكر على أنفسهم قيصر الرومي واتصل خبرهم بعماد الملك سِرتيز مملوك السلطان وهو يومئذ أمير أمراء السند وسكناه بملتان، فجمع العساكر وتجهز في البر وفي نهر السند. وبين ملتان وسيوستان عشرة أيام وخرج إليه قيصر فوقع اللقاء وانهزم قيصر ومن معه أشنع هزيمة وتحصنوا بالمدينة فحاصرهم ونصب المجانيق عليهم واشتد عليهم الحصار فطلبوا الأمان بعد أربعين يوماً من نزوله عليهم فأعطاهم الأمان فلما نزلوا إليه غدرهم وأخذ أموالهم وأمر بقتلهم. فكان كلّ يوم يضرب أعناق بعضهم ويوسط البعض ويسلخ آخرين منهم ويملاء جلودهم تبناً ويعلقها على السور فكان تلك الجلود مصلوبة ترعب من ينظر إليها. وجمع رؤوسهم في وسط المدينة فكانت مثل التل هنالك. ونزلت بتلك المدينة أثر هذه الواقعة بمدرسة فيها كبيرة، وكنت أنام على سطحها فإذا استيقظت من الليل أرى تلك الجلود المصلوبة فتشمئز النفس منها ولم تطب نفسي بالسكنى بالمدرسة فانتقلت عنها. وكان الفقيه الفاضل العادل علاء الملك الخراساني المعروف بفصيح الدين قاضي هراة في متقدم التاريخ قد وفد على ملك الهند فولاه مدينة لاهري وأعمالها من بلاد السند وحضر هذه الحركة مع عماد الملك سرتيز بمن معه من العساكر. فعزمت على السفر معه إلى مدينة لاهري. وكان له