اليأس مني - جاءني رجل مغربي أشقر، فسلم عليّ ثم سار يحدثني بما أنا فيه وبما يكون مني، وأنا لا أشك أني سائر في الهواء، غير أني قريب من الأرض ساعة؛ ثم قال: اجلس. فجلست؛ ثم قال: نم. فنمت. فنام إلى جانبي، فاستيقظت فلم أجده. ووجدت نفسي قريباً من الشام ولم أجد بي مرضاً، ولا أحتاج إلى طعام ولا شراب، حتى دخلت بيت المقدس. وأما أخلاقه فلم ير ساخطاً على أحد، ولا سمع مغتاباً لأحد ولا ذاماً له، ولا أسقط لأحد حرمة، ولا كسر قلباً، ولا نسى وداً، ولا رأى لأحد فعلاً ومن توجه إلى الله تعالى لم يسأل من الدنيا شيئاً ولا تعرض له، وإذا فتح الله عليه بشيء من الدنيا لم يرده، وإذا أخذه لم يبقه ولم يدخر، ولم يفرح بما أوتي منها ولا تأسف على ما فاته منها، وكان كثير الأمراض والابتلاء، ولم يسمع منه أنين ولا شكاية، وإذا سئل عن حاله ظهرت عليه أعلام الرضاء. وقال ولده الشيخ عبد الله: أخبرني والدي عن سبب توبته ما تقدم، وقال: لما وضعت يدي على يد الشيخ الذي توبني نزعت الدنيا من قلبي كما تنزع الشعرة من العجين، فلما نهضت قائماً تلا عليّ " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ". قال: فجعلت هذه الآية قدوتي إلى الله تعالى وسلكت بها في طريقي وجعلتها نصب عيني لكل شيء منها. قالت لي نفسي: أو أمرني به هواي فعلت بخلافه. فهذه أخلاق كريمة ومواهب جسيمة لا يقوى عليها أحد إلا بتأييد رباني. وللشيخ غانم رحمه الله كلام كثير مدون، وأشعار