سنة اثنتين وثلاثين وست مائة عشية الأحد، ودفن يوم الاثنين في الحضيرة التي بها السادة المشايخ عبد الله البطائحي وعبد الله الأرموي - رحمهما الله تعالى - بسفح قاسيون، وبلغ من العمر سبعين سنة وكان الشيخ غانم في السنة التي فتح فيها بيت المقدس على يد رجل رآه مرة واحدة، ثم لم يزل يراه بظنه من الأبدال، وانقطع إلى العبادة تحت صخرة بيت المقدس في الأفياء السليمانية ست سنين، وصحب بعد ذلك المشايخ: عمر المدني، ومحمد الديسني، وأبا بكر العين سرياني، ومحمد الكيلاني، ومحمد القرشي، وأبا عمران المغربي وغيرهم، وصحب الشيخ عبد الله الأرموي صحبة كبيرة، ولازمه إلى حين وفاته. وماتا جميعاً - رحمهما الله - في مدة قريبة. وسبب توبته وانقطاعه إلى الله تعالى أنه تمرض عام فتح المقدس مرضة عظيمة، فلما أبلّ سأل عن أصدقائه الذين كان يصحبهم قبل توبته، فوجد أكثرهم قد مرضوا وماتوا، فحزن عليهم وأقلع من وقته وأكب على العبارة والإقبال على الله تعالى وحج ثلاث حجات محرماً من بيت المقدس، وفتح عليه في الحجة الثالثة بما فتح. وقال: خرجت حاجاً ثم عزمت بعد الحج على السياحة بأرض تهامة، فجاءني رجل سلّم عليّ وقال: لهذا الأمر رجال غيرك أنت في صلبك ذرية ولك أصحاب ينتفعون بك؛ وأخبرني ببعض ما أنا فيه، ثم غاب عني فلم أره؛ فرجعت إلى الشام. وقال: رجعت سنة من الحجاز إلى الشام وأنا مريض، لا أستطيع الكلام ولا القيام ولا أكل الطعام، فبينما أنا مطروح في البرية - قد ذهب عني رفقتي بعد