كمال الدين المذكور في حقه: لم أر أنبه منه ولا أحد ذهناً. هذا وهو في سن الصغر، وليس له عشرون سنة، ومن أغرب ما حدث في الدرس بالعزيزية أن شخصاً من علماء الخلاف حضر إلى درسه، وأورد عليه بلمة خلاف فتلقى الجواب بصدره، وشرع في حلها وعكسها عليه، فادعى الملقى لها عند ذلك بقصوره عن مضمان القاضي بهاء الدين المذكور، وقال: ما رأيت في بلاد العجم ولا العرب مثله. وتعجب الفقهاء الحاضرون من ذلك تعجباً عظيماً، وهذا دليل على غزارة علمه، وعظم قدره، وتوسعه في العلوم، ثم بعد ذلك خلع على الخلافي، وأحسن إليه، وأجازه جائزة سنية، وكان هذا الخلافي قد حضر مدارس الممالك الإسلامية، وأورد عليهم تلك النكيتة التي رتبها، فما أجابه أحد، فلما أجابه القاضي بهاء الدين من غير تفكير ولا تثبت، وعكسها عليه تحير في أمره. وسافر لوقته، وهذا من المناقب التي ما سمعت لأحد قبله. وكانت الشعراء تقصده بالمدائح من سائر الأقطار لكثرة جوائزه، وكرم نفسه، فمن مدحه بقصيدة بديعة الأديب شمس الدين محمد بن العفيف التلمساني، وأجازه عليها جائزة سنية وخلع عليه. ونقلت من خطه، وهي:
وافى وأرواح العذيب بواسم ... والليل فيه من الصباح مباسم
أهلاً بمن أسرى به وغدا له ... متأخر وهوى لنا متقادم
غصن الشبيبة والملاحة يعذر ... المضني به ويلام فيه اللائم
النضر من أعطافه وكتابه ... بلحاظه ولمهجتي هو هاشم