ولم للتأخير وجه وهكذا ... متى انتهت الآجال لم يسع الأجل
وأدنى الورى من رحمة الله مذنب ... أتى ما له في الخير عقد ولا حل
فقيراً ذليلاً جائراً متذللاً ... عرياً من التقوى كما جرد النصل
لدى ملك بر غفور لمن جنى ... ولم يعلم الغفران لم يكن جهل
وإن يكن السوأى فذلك عدله ... وإن تكن الحسنى فإحسانه جزل
قال الشيخ جمال الدين رحمه الله: أنشدنيها في شهر رمضان المعظم في الخامس والعشرين منه سنة أربعين وست مائة. قال الشيخ جمال الدين المذكور: ولما كانت الليلة السابعة والعشرين من هذا الشهر المبارك، وكانت ليلة الجمعة، حضرت فيها ختمة للكتاب العزيز بدار الحديث الأشرفية عند أوحد زمانه، وعلامة عصره وأوانه، الحبر الذي جمع أنواع العلوم ووعاها، ورقى في مراتب التحقيق إلى ذراها، العالم الذي قرن بعلمه العمل الخالص، ونصح في الله تعالى ليالي يوم القيامة، وهو من التبعات خالص، إمام آتاه الله علماً وحلماً، ورزقه في جميع الأمور بصيرة وفهماً، إن تفقه، ترك عند فقهه فقه أبي العباس بن شريح، وإن حدث نسي عند حديثه حماد بن زيد، وعبد الملك بن جريج مع جماعة كثيرة من أفاضل العلماء وسادة أخيار من أكابر الصلحاء، فقد تنورت بنور اليقين والإخلاص قلوبهم، وتجافت من خوف الله عن المضاجع جنوبهم، وصرفوا هممهم إلى أعمال الطاعة، وليس لهم عمل إلا فعل خير أو سماعه، فباتوا ليلتهم جميعها في صلاة، وخشوع، وتضرع إلى ربهم، وخضوع قد قسموها بين صلاة