تركنا حظ النفس بمعزل. وكان في عزمنا أن نرتاد منزلاً، فعرجنا على ذلك المنزل، وقلنا: يا خيل الله! اركبي. ويا ملائكة النصر! اصحبي. ويا أقلام البشرى! اكتبي. وصلنا إلى الشام في جنود تقبل مثل قطع الليل، وتندفع اندفاع السيل. وكلما مررنا بمملكة سالت بجموعنا أوديتها. وغصت بعساكرنا أنديتها. وانضم إلينا جنودها. وخفقت علينا بنودها، ولم نزل نطوي المراحل. ونتجاوز الخصب والماحل. إلى أن نزلنا بعيون القصب من عمل حمص، فوافاها البشير بما كان من أمر بلاطنس التي تقدمت بها البشرى. وفنيت فيها عضد من كان بها قد استطار شرر طعمه واستسرى. ولم تزل بعد السير. وتود لو استعرنا أجنحة الطير. إلى أن وافينا المرقب، وهي المقصد ومناخ ركائب العزم الذي هو لها مرصد، فكانت محط رحالنا. وإليها مطارح آمالنا. وأصحابها الذين بدأوا بالسنان، وقعقعوا لنا بالشنآن. وامتدت لهم الأيدي والألسنة، وجعلوا السيئة مكان الحسنة. وطمعوا بالبلاد وارتجاعها، وارتادوا موارد الحرب على بعد أشجاعها. واستلانوا من عسكر حصن الأكراد جانباً ظنوا به الغلب. وفعلوا أمراً عادوا منه بسوء منقلب. وصاروا يتكلمون من رؤوس ملأى من الجهل. ويأخذون في الحزن إذا أخذتهم إلى السهل. ونحن نعمل على الأمر الذي يلف العماء، ويعيرهم أذناً سميعة، لا أذناً صماً. ونرتاد منهم أمكنة الفرص، ونوحي لهم جمالة القنص. فلما رجمتهم