ذيل مراه الزمان (صفحة 1579)

إلى الملك أبغا، فطلب علاء الدين مقيداً مغلغلاً، وكان أخوه شمس الدين عند أبغا وزيره، فعندما بلغه الخبر، أرسل غلمانه من طريق أقرب من طريق الرسل الواصلين بإحضار أخيه بكتاب يقول فيه: يا أخي! يدك في الكتاب، ورجلك في الركاب، وتطوى المنازل، وكان لم يبرح عنده في الدهليز فرس مشدود، فمجرد ما وصله الكتاب، ركب ودخلوا البريدية الواصلين بسببه فلم يجدوه، وساق الليل والنهار إلى أن وصل إلى أبغا، وسأل المحاقة على ما قيل عنه، وطلب الرسول بالكتاب، وحاقه وسأله من غير ضرب، فقر على الشحنة، وأنه أعطاه ألف دينار على تأدية الكتاب إلى ذلك المكان الذي أمسكوه فيه، فرسم له بالبلاد على عادته، وتضاعف شكره، وخلع عليه، وتسلم الشحنة إليه، وحكموه في البلاد أكثر مما كان، وأما الذي حمل الكتاب المزور، فأخذه، وعاد به إلى بغداد، وتنوع في عذابه وصلبه وسمله، ودور به البلد، ثم أرمى بعد ذلك في الدجلة، وكتب إلى أهل بغداد كتاباً يقول فيه بعد البسملة: " إن لله تعالى ألطافاً خفية، يرى صورتها حسنة، يحسبها الجاهل بجهله نقمة، فإذا انتهت ونمت، عرف أنها نعمة "؛ وما هذا معناه. وعاد إلى بغداد، فاحتفلوا بدخوله احتفالاً عظيماً، وزين البلد، وعملت المغاني في الشوارع، والقباب المزينة. وكان يوم دخوله يوماً مشهوداً، ولما استقر بها وحضر الفضلاء لتهنئته، أنشدهم لنفسه مما عمله في هذه الواقعة أبياتاً خمسها، بعد أن نظم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015